صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/74

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ينشأ عليها بتلقين من الجماعة يشعر به أو يتقبله على غير شعور منه . وتدور هذه العقائد قرابة عشرة أجيال ، ثم تضعف وتخلفها عقائد أخرى مشتقة منها أو مناقضة لها في بعض الأحايين ، ومن هذا التوارث في العقائد العامة يعود على الناس خير محمود العاقبة اذا بنيت العقيدة على صلاح ، لأن وراثة الاعتقاد ووراثة الحماسة له تؤديان الى القصد في جهود الجماعة فلا تحتاج في تجديد بواعثها الى العمل كل جيل · ويشير الدكتور داروين الى الفرق بين الطبائع الانسانية في أمر الاعتقاد ، ويقتبس للتفرقة بينهما اصطلاحا شائعا يقسم الناس في هذا الأمر الى قسمين : قسم الخراف وقسم المعز ، أو قسم المتقادين في القطيع، وقسم المفرقين من هنا وثم تارة على استقامة وتارة على انحراف ، وكلا القسمين لازم لحياة العقيدة في استمرارها على وتيرة واحـدة أو في استعدادها لقبول التنويع والتنقيح . مختلف هذه وليس من اللازم عند الدكتور داروين أن تكون العقيدة ديانة ديانات العبادة الكبيرة التي ينتمي اليها عشرات الملايين الشعوب ، بل هو يعني بالعقيدة كل مبدأ يؤمن به صاحبه ويستلهم منه الهداية في غاياته ومعاملاته لأبناء قومه أو أبناء نوعه ، ولا غنى عن العقائد الآن ولا بعد آلاف السنين . فاذا أراد المصلحون تهذيب الانسان فوسائل الاصلاح المعروفة الآن ثلاث : أن يتولى المصلح تعليم أتباعه بالاقناع والتفهيم فينتهى سعيه بانتهاء حياته ولا يجتذب اليه غير القليلين ممن يعملون بآرائهم ويتغلبون بالفهم على التقاليد والبواعث الموروثة . فان لم يعتمد المصلح المهذب على الاقناع والتفهيم فسبيله أن يعتمد على التحسين « البيولوجي » على الطريقة التي تتبع في تحسين النبات والحيوان . أو تحسين ۷۰ .