صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/72

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

للموازنة بينها وبين مطالبنا البدنية ، وحسبنا في الحذر من مسخ طبيعتنا بالاستسلام الى جانب منها دون سائر الجوانب وهو حسبنا للتقدم في طريق التمام . وعند المؤلف أن هناك غاية أعلى من غاية الموازنة بين جوانب البدن وجوانب العقل والعاطفة والضمير ، فان عباقرة العالم كلهم يتوازنون في جميع الجوانب ، ومنهم من تغلب عليه نزعة تغطى على جميع نزعاته ، وبها يمتاز على سواد الناس ويتمكن من خدمتهم بالفتوح الجديدة في ميادين العلوم والفنون والأخلاق ، الا أن العبقريين يوسعون شخصيتهم بهذه النزعة الغالية ولا يضيقونها . وانهم يتعون بها ولا ينقصون ، وهم الاستثناء في هذه القاعدة ولا تخلو قاعدة وسؤال المبدأ والختام عند المؤلف : ماذا يمكن أن يكون الانسان غدا ؟ وليس جواب المؤلف أنه سيعلو على الانسانية الى طبقة السوبرمان التي حلم بها دعاة القرن التاسع عشر ، وانما جوابه أن الانسان يتمم نفسه غدا فلا يحاول التحليق بجناح واحد ، وان المستقبل لانسان يعرف حق البدن ولا ينسى حق العاطفة وحق الروح والضمير (1) من . ۱۸ . والعالم الطبيعی شاراز جالتون داروین –– حفيد داروين الكبير - يشب وثبته البعيدة في حساب السنين الى ما بعد مليون سنة ، ولكنه لا يجاوز في وثبته ذلك المدى الذي ذهب اليه زملاؤه من القانعين بالنظر الى مدى القرن العشرين أو القرن الحادي والعشرين ، فيكاد أن يقضى بالأمل في مصير الانسانية دونهم ، ويكاد أن يقول ان العصر الذهبي (۱) ملخص من كتاب « ماذا يكون الانسان » لمؤلفه جورج رسل هاريسون What man may be, by G. Russell Harrison.