صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/71

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الحاضر يرجعون الى الغيب كلما أوغلوا في العلم بالمحسوسات . ويردد المؤلف قول القائلين : ان الخوف كبير في عصرنا من شطط س الانسان في استخدام معلوماته . ومن الجـائز أن يكون حتف النوع الانساني في هذه الطاقة المخيفة اذا أساء استخدامها في الحروب ، ولكن المؤلف يعود فيقول : ان هؤلاء المتشائمين يبالغون في الخوف من عوامل الشر والهدم التي ينطوى عليها طبع الانسان ولا يعطون عوامل الخير والبناء حقها من الأمل والثقة ، مقاسـا على الماضي في أحوال كأحوال العصر الحديث ، ولقد كان اختراع النار يكفى للقضاء على عمران الانسان كله في زمانه ولكنه عزز هذا العمران وعلمنا أن نخترع أنواعا النار لم تكن معروفة في عهد أجدادنا الغابرين ، وكل ما اخترعناه من أنواع الوقود فهو توسع في استخدام النار ، ولكنها قد حسن استخدامها في أوقات وساء استخدامها في أوقات ، وكلها في النهاية قد أضاف الى العمران ولم يكن سببا للقضاء عليه . ولا خطر على الانسان في الغد على هذا الاعتبار ، ولكننا لا تقنع بالأمان من الخطر اذا استطعنا أن تتمم أنفسنا ، ونحن قادرون على اتمامها اذا عشنا بشخصية متوازنة بين عوامل العقل والعاطفة والضمير . . أننا لا ريب وهل معنى ذلك أننا سنعرف كل ما في أنفسنا من الخفايا والأسرار... علما بتلك الخفايا والأسرار جيلا بعد جيل ، الا أننا نزداد لا يلزمنا أن ننتظر طوال الأجيال لنعرف منها كل ما يستطاع ، لأننا نعرف مطالب العقل والعاطفة والضمير : تعرف التطلع الى الحقيقة ونعرف الشوق الى جمال الطبيعة والفنون ، ونعرف كرامة المبادىء الرفيعة والأمثلة العليا في الأخلاق والآداب ونعرف مطالب الضمير من العقيدة الروحية ، وما نعرفه من هذه الجوانب المتعددة في الشخصية فهو حسبنا ۶۷