صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/70

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ما هي حقائق الضمير ؟ والجواب أننا لا نعرفها جميعا ، وأن ما تعرفه قد يختلط عند بعض الناس للجهالة أو للهوى والضلال ، ولكن ما أجهله أو نخطىء فيه لا تتركه ولا نحتقره بل نثاير على طلبه لنصحح خطأه وننفى جهله ، ولو أننا تركنا كل حقيقة وجهلناها وأخطأنا فيها لما بقيت عندنا معرفة بالمادة ولا بالضمير . وهنا يضرب المؤلف مثلا بالطفل الذي يبيت ليلة عيد الميلاد وهو يحلم بالهدايا التي يضعها القديس نيقولادس أو سانت كلوز راعي الأطفال - الى جانب وسادته . فان هذا الطفل ولا ريب يحلم بخيال ، ولكنه خير من الطفل الذي لا يتخيل شيئا عن فرحة عيد الميلاد ولا عن هدايا الغيب ولا عن شوق الانتظار الذي يخامر جميع النفوس في أمثال هذه الأوقات ، فما دام عيد الميلاد موجودا فالطفل الذي يدركه عـلى صورة من الصور حسبما يستطيع في خياله وفكره – أصح ادراكا من الطفل الذي لا يدركه ادراك الصغار ولا ادراك الكبار ، وعلينا في هذا العصر خاصة أن نعلم أن معرفة المحسوسات الظاهرة لا تستدعى انكار الغيب ولا انكار ما وراء المحسوسات ، لأن علمنا بالمادة المحسوسة قد انتهى بنا أو كاد أن ينتهى بنا الى عالم كعالم الغيب وراء المحسوس أو وراء المعقول . ويقول المؤلف بحق : ان كبار العلماء لا ينكرون الغيب وان أناسا لا يزالون معدودين من أكبر العلماء كانوا يؤمنون بما وراء المحسوس ؛ كان نيوتن مكتشف قانون الجاذبية يصلى ويؤدي فروضه الدينية في مواعيدها بغير انقطاع ، وكان جاليليو مكتشف دوران الأرض يؤمن بالله والدين ، وكان اينشتين يقول : انك اذا أردت أن تعرف غاية الحياة فمعنى ذلك أن تكون متدينا ، وكثير من خلفاء هؤلاء العلماء في العصر 77 - - -