صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/68

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

والأرزاق وتمهد السبيل لكسب الوقت الذي يبذله من يشاء في تحصيل المزايا والأذواق التي توفر ثروات العقول والنفوس ولا تحصر التقدم الصناعي في توفير المال والعتاد ، وهذا ان شاء من يملكون سعة الوقت أن يبذلوها في مقاصد الفكر والروح . وذلك هو مصير « الانسان » كما تنبئنا به هـذه « النبوءات » الوئيدة على حذر لا يخلو من رجاء ورجاء لا يخلو من حذر . وفي حدود هذه الخطوات الوئيدة ينظر كاتب علمی آخر الى مصير « الانسان » في عصر الصناعة ، أو ينظر – كما قال في عنوان كتابه – الى الناحية الانسانية من العلم فيعلق مصير الانسان كله على « تربيته الشخصية » ويربط بين تربيته الشخصية وشواغل المـادة ومطالبها يراهما منفصلين ولا يراهما مع ذلك شيئا واحدا تستغرقه الماديات وتستأثر به کله مطالب الرغد والرخاء وخلاصة تقديراته أن الانسان يمكن أن يكون انسانا تاما بشخصية تامة ، ولكنه لا يكون كذلك الا اذا التفت الى كل جانب من جوانب « الشخصية الانسانية » ولم يقصر التفاته الى جانب المادة أو جانب البدن منها ، لأن الشخصية الانسانية عاطفة وعقل وضمير وليست مجرد أعضاء ووظائف وخلايا وأعصاب ، ولو عرف الانسان كل شيء من تركيب بدنه لما أحاط بأسرار قواه الشخصية ولما نفذ الى حقيقة الحياة فاننا لا نعرف الموسيقى اذا عرفنا كل دقيقة وجليلة من الأخشاب والمعادن والأوتار التي تدخل في تركيب العود والقيثار والبيان ، وبعض علماء الحياة يراقبون تغذية الحيوان ويلاحظون مثلا أن العواطف تتأثر ببعض الأغذية فتنقص أو تزيد : لاحظوا أن الفارة التي يقل المنجنيز في غذائها تهمـل صــــــــغارها ولا تعطف عليهـم ، وانه الحسـن منهـم أن 14 P