صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/58

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

خوف من نشوب القتال ولا سيما القتال بالاته الحديثة ، وما من وسيلة هذا تعصم الأنسيان البلاء أنجع من تزويد العالم بقوة عالمية واحدة تملك المحاجزة بين الدول ، ولا ضرر من قيام الجيوش المحليـة التي تحفظ الأمن في بلادها بالوسائل الميسرة للشرطة ، ولكن الأسلحة الوبيلة جميعا ينبغي أن تعهد الى القوة العالمية التي لا تنفرد بها دولة واحدة » . ثم يعرض الفيلسوف لمسألة التعليم فيقول انها ينبغي أن تقوم على مبادىء عالمية وأن يمتنع التعليم الذي يغرى بالعدوان وينفخ في جذوة البغضاء والنقمة بين الشعوب .. « وينبغي أن تتدرج الى تعميم التجارة الحرة وأن تباح حرية السياحة على النحو الذي كان شائعا قبل الحرب العالمية الأولى ، وأن تتبادل الأمم طلابها لكيلا يتعرض الكثيرون في شبابهم لآفة التحجر على العادات والتقاليد » . ثم يعرض للشخصية الفردية فيقول : « انه من اللازم أن يحمى الفرد من طغيان الجماعة كما يحمى من المخاوف التي تساوره في قرارة وجدانه » وهما ضرران بينهما من الارتباط أشد مما يخطر للكثيرين . اذ يغلب على طغيان الجماعة أن يكون وليد الوساوس والخوف » قال « وينبغي اجتناب القسر في التنسيق والتوحيد بين الشخصيات الفردية مما يحق للمجتمعات المصنعة أن تخشاه ويجب عليها أن تنقيه بما استطاعت من تدبير . ولابد من فسح المجـال للأفذاذ الموهوبين كالشعراء والفنانين الذين لا يظفرون بالتأييد من أصحاب التقاليد » . واختتم فصوله قائلا : « ان الانسان في أدهاره الطويلة منذ هبط الى الأرض من أغصان الشجر قد تقحم الفجاج المرهوبة وتركها وهي محفوفة بعظام الهالكين ممن سلكوها قبله ، يداخله جنون الجـوع والضنك والفزع من الضواري والرهبة من الأعداء : أعداء من الأحياء

.