صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/49

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ولا يتأتى – من ثم – أن تطغى على المجتمع لتسليط مشيئتها عليه دون أن يلحقها شيء من الضرر الذي يلحق سائر الطوائف ، وقد يأتى اليوم الذي تناط فيه الجهود الانسانية بالأعمال التي يغني فيها الانسان على تفاوت ملكاته ولا تؤديها الآلات مستقلة بها أو باشراف من يديرها . فلا يتولى الفنيون عملا تقوم به المكنات في الوقت الحاضر والمكنات التي تترقى وتبلغ غايتها من الدقة بافتنان المخترعين والمقترحين من نوابغ الفكر والصناعة في المستقبل ، وبعض هذه المكنات يقال عنه اليوم انه « يفكر » على سبيل المجاز ويجرى العمل فيه على نسق يشـه عمـل الدماغ الانساني في تلقى الاشارة ونقل التنبيهات وتنفيذ المقترحات ، وكلما استدقت معارف العلماء بالكهربية الدماغية وروقبت حركات الدماغ أثناء انفعالاته وتوجيهاته لحركات الأعضاء تبين الفارق بين عمله العقلي الخاص بالانسان وعمله الجسدي من قبيل رد الفعـل الذي تستطاع محاكاته في المكنات ، وسيكشف الغد عن حدود هذه المكنات في أداء الأعمال التي لم توكل قبل الآن لغير الانسان العاقل ، فليس من المنتظر أن تجمع المكنة بين وظائف الأمر والتنفيـذ ووظائف الابتكار والتقليد ، ولكنها ستؤدي – ولا شك – كثيرا من المساعدات الفكرية التي تستنفد الآن جهود الملايين من حذاق المتعلمين يقول الدكتور جورج تومسون Dr. George Thomson جائزة نوبل في العلوم من فصل بعنوان الفكر الصناعي والطبيعي في كتاب المستقبل المكشوف The Foresceable future من أصحاب - . « من السائغ أن تترقب زمنا تحل فيه المعرفة الحقة بعمل الدماغ محل هذه المعرفة المترددة ، وأصعب من ذلك أن تقدر أثر هذه المعرفة في الحياة الانسانية . وأتكلم عما أعلم فأرى أن قليلا من المعرفة السطحية ٤٥