صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/50

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

قد ارتفعت ارتفاعا عظيما باعجابي وتقديري للإنسانية . فان هذه المكنة المعقدة التي تملكها جميعا – أو التي هي نحن ان شئت بما احتوته من دقائق تبلغ عشرة آلاف الملايين ، وبما بينها من خيوط الاشتباك في لتفوق كل حد ترتقى اليه أية صنعة نقدر عليها وتخالف كل هذه الكائنات التي ندرسها نحن الطبيعيين مخالفة الصور العمل ما نعهده من في طلاء الجدران للبلورات الحقيقية » من ثم قال : « ان عرفاننا كيف نشعر قد يكون أعظم أثرا في أعمالنا عرفاننا كيف نفكر وتتصور . وقد يدهشنا كيف يمكن أن نبقى نوازع العصبية الجامعة بعد العلم من الوجهة الكهربية - بمجراها الذي جرت عليه عند تكوينها . ولننظر الى الفكاهة مثل هذه النظرة فانما النكتة كما هو ظاهر مسألة انطلاق تيار أو افلات مجموعة من الدوافع المتناقضة النتخذ لها نسقا آخر ، فهل تبقى فيها أعجوبتها اذا علمنا بهذا النسق الآخر : ما هو وكيف يكون ؟ انني لأرجو ذلك حقا ، فلا ينقص من متعتنا بالمسرحية أو القصة علمنا بأنها مؤلفة . ولعل الأمور التي يجب على الناس أن يكبروا من خطرها هي التي تصاب أشد المصاب من جراء ذلك . فان المبادىء ليعسر الثبات عليها بعد العلم بأنها أشبه شيء بالدورة الكهربية . وقد ثمة ضرر على الخصوص لتلك العقول – غير القليلة يخيل اليها أن الرجوع بأصول الانسان الى أصول الأحياء الدنيا يغض من كرامة البشرية . وانه لمن المهم عند من يحرصون على استبقاء المبادىء – وليس منا من لا أن يوطنوا أنفسهم على ما يكون من هذه الحقيقة وأن يتعلموا كيف يحافظون على ما نشعر الآن انه جدير بالمحافظة عليه وان تبدلت منه الصورة دون الجوهر ، وانه يحرص 27