صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/43

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فلا استئناف بعدها للطريق اذا وقع الخلل والانتقاض في نظم التصنيع العالمية . فان السير على برامج التنظيم انما سهل الابتداء به والمضى فيه بما كان في حوزة الانسان من موارد الحديد والفحم والنحاس والنفط والكبريت وغيرها المواد النافعة ، وكلها صائرة الى النفاد بعد حين ، ولكن معارفنا النفيسة تتيح لنا أن نستغنى عنها ما دامت حضارة التصنيع قائمة ، أما اذا وقعت الواقعة واختلف، صوت الحضارة فمن المشكوك من فيه أن تقدر بعد ذلك على النهوض فوق طبقة المعيشة الزراعية . « ان المصادر اللازمة لاعادة الانتفاع بالصخر وماء البحر واعادة تركيب النظم المتشابكة من برامج التصنيع قد تكون أعظم جدا مما يستطاع السيطرة عليه . وتصور مثلا أن القوة اللازمة لاعادة الشبكة الصناعية لابد أن تستمد من مصادر نووية وأن هذه المصادر لابد أن تقام بوقود غير وقود الفحم والنفط وكل وقود عدا الصخور ، ففي هذه الحالة – مع فقدان الطاقة الصالحة يتعذر الانتفاع ببقايا الحضارة الصناعية ، وسيأتي اليوم الذي قد تنسحب فيه المعرفة الفنية وتجنع الى الاحتجاب ، وقد حدث في القرون الوسطى أن أمناء تلك العصور استخدموا وجهات الرخام الرومانية في المباني الجديدة حقبة من الدهر بعد نسيان الكثير مما عرفه الرومان من هندسة البناء ، وان الذي يحدث غدا في مثل هذه الحالة لأعظم مما حدث من قبل بكثير « وكذلك ترى أن مشكلات الغد كثيرة خطيرة ، واننا من الوجهة النظرية قادرون على تدبير حلولها بما تملكه من القدرة الفكرية ، ومثال ذلك أن بعض الأخطار يسهل اتقاؤها بإقامة الهيئات الدولية التي يراد بها منع الحروب كهيئة الأمم المتحدة وسائر الهيئات التي تشرف عليها ، وغير هذه الأخطار قد يسهل اتقاؤه ببذل الجهد في الاقلال من ظروف ۳۹