صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/228

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

قيمتها النفسية في التحقيق والتمحيص من الوجهة التاريخية التي تنتهى عند تصحيح النسبة الى هذا الفنان أو ذاك وتبيين الفرق بين أساليب عصر وعصر وأنماط مدرسة ومدرسة . ولكن النقد العلمي لم يتمكن من المشاركة في التمييز بين الفن السليم والفن السقيم وبين أسباب الدقة في الأداء وأسباب الخطأ والانحراف فيه الا بعد التقدم الحثيث في علم البصريات وما يرتبط به من طب العيون والأعصاب ، فان علماء البصريات وأطباء العيون قد أمكنهم أن يميزوا بين الخصائص التي كانت تحسب في عداد المدارس والأساليب الفنية وبين الخصائص التي تنشأ من أمراض البصر ويضطر اليها الفنان الخلل في تركيب عينه يحجب عنه بعض الألوان أو يعرضه لطـول البصر أو قصره أو للزيغ عن النظر المستقيم الى ما يواجهه أمامه ، ففي هذه الحالات يبالغ الفنان في توكيد لون من الألوان وتحفيف ما عداه ، وتتراءى صوره أقرب الى الاستطالة أو أقرب الى الاستدارة ، وفيها بعض الميل من جانب وبعض الاقحام من جانب آخر ، على حسب الاختلاف بين تركيب عينيه وبين تركيب العيون عند صاحب النظر السليم . وكان النقاد الأسبقون ينظرون في هذه الخصائص فيحسبونها من بدع الاختيار والابتكار ومن فوارق الأساليب المقصودة والمدارس التي يدور البحث فيها على تعدد الآراء والأذواق ، وما هي الا نظرة فاحصة من عالم البصريات حتى ينجلى له أن الأمر لا يرجع الى اختلاف الآراء والمذاهب ولا الى الرغبة والاختيار ، وان مرجعه كله الى عيب في البصر يمثل الأشياء لصاحبه على صورة غير سوية ويوقعه في ذلك الخطأ الذي لا حيلة له فيه . وقد يظهر من الفنان المقابلة بين صور الواحد أن بعضها يتم على انبساط الحدقة وبعضها ينم على بصر سليم ، النقد التاريخي أنه يحاكي أسلوب غيره في الصور المثالية أو فيتبين من ٢٢٤ . .