صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/221

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

على المحافظين ، أو باسم اليسار المنتقض على اليمين ، فلما تقدم القرن العشرون جاءت الغارة على التقاليد شعواء ذات اليسار وذات اليمين فأنصار الدعوة الاجتماعية من الماديين يحطمون التقاليد الماضية لأنهم يهدمون كل بناء قام في الماضي على قواعد الطبقات من غير طبقة الأجراء ، وأنصار الدعوة الفردية ينكرون طغيان الجماعة على حرية الفرد فيعارضون الدعوات الاجتماعية التي تلغى الفرد من أجل الجماعة ، ولكنهم – على مذهب بعض الوجوديين سجون المفرد أن يستقل برأيه وهواه ويثبت وجوده بالخروج على العرف واقتحام الطريق الذي يروقه على غير اكتراث بالأصـول والعادات في مسائل الذوق على الخصوص ومنها الفنون . أما شيوع الطرافات العلمية فهو فيما نعنيه هنا شيء غير شيوع المباحث العلمية التي يمحصها العلماء ويمتحنونها على أصول التجربة والتطبيق الأمين . فهذه المباحث العلمية تفيد الفن والفنان وتؤدي الى قيام المدارس الفنية التي تثبت في تاريخ العلم والثقافة ولا تظهر ثم تغيب كما تغيب البدع والأزياء ان الطرافات العلمية شيء غير هذه المباحث والدراسات . فانها لا تعدو القشور التي تستهوى النظر العاجل ويتخطفها المتندرون في الأندية لمـا فيها من غرابة تجرى في نسق واحـد مع غرابة الأقاصيص والبدوات ، ومنها ما يحسن فهمه ويساء تطبيقه لسوء التمييز بين موضوع العلم وموضوع الفن ، وبين مسائل التفكير ومسائل الشعور والخيال وأشهر هـذه التطبيقات الخاطئة في بدع الفنون دعوة المدرسة الطبيعية في القرن التاسع عشر Naturalism وهي من أصح المدارس الأدبية في نظرتها وأسرعها إلى الخطأ في تطبيقاتها لسوء التمييز بين أمداليب العالم وأساليب الآداب . ۲۱۷