صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/220

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

11 – الفن والعلم هذه الظنون والنبوءات بخبر من أخبــار المستقبل - ولعلنا نختم لا حاجة به الى ظن ولا نبوءة ، وقد يكون أوثق من أخبار الماضي الذي تتضارب فيه الرواية . ۲۱۶ ان القرن العشرين سوف يصفى قبل نهايته حساب البدع الفنية التي نشأت فيه ، وهذا هو الخبر الذي لا يحتاج الى الظن والنبوءة ، اذ تحمل البدعة في طياتها نبوءة مصيرها ، وتأتى البدعة ثم تمضى كما تأتى أزياء الثياب والحلى زيا بعد زي ثم تمضى باختيار من يبدعونها ويولعون بها ، ولولا هذا التقلب السريع لما فكر أحد في ابتداعها . وقد كانت ذخيرة القرن العشرين من بدع الفنون أوفر وأعجب من ذخيرة سلفه القرن التاسع عشر ، ومن ذخائر أسلافه في العصور الحديثة التي أولع فيها الناس بالجديد ثم ازدادت سرعتهم في تغييره والتبرم به الى أن بلغت شأوها الأخير في هذه السنوات الأخيرة .. ويرجع الاقبال على البدع في القرن العشرين الى جميع أسبابه التي تغری به وتحرض عليه : الى الجرأة على التقاليد المرعية ، والى شيوع الطرافات العلمية التي يتداولها الفنانون وجمهرة المتحدثين بالعلوم والفنون ، والى اتساع ميادين النشر من طباعة واذاعة وصور متحركة ومسارح عرض وتمثيل . النهضة وعصر الاستنارة والجرأة على التقاليد المرعية قديمة منذ عصر وما تلاهما من عصور الثورات العلمية والسياسية ، الا أن الجرأة على التقاليد كانت تصدر فيما مضى من جانب واحد باسم المجددين الثائرين