صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/219

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

بالبيت سعيا الى الرزق أو اشتغالا بأعمال يغني فيها الرجل عنها . وليس لنا أن تتجاهل الحقيقة الواقعة وننسى أن المرأة تضطر في الحضارة الحديثة اضطرارا الى هجر البيت والتضحية بلوازم الأسرة في سبيل لوازم المعيشة ، الا أن الحذر من تجاهل هذه الحقيقة لا يوجب علينا أن نغتبط بها وتقيم قواعد المستقبل عليها ، وانما تعترف بها لتعطيها حقها من معاذيرها واعتباراتها ، ونسعى الى اصلاحها وتشبيط الدوافع التي تضطر النساء والرجال اليها وغير الفقراء – الى تسخير القاصرين وقديما اضطر الفقراء واهمال تعليمهم في سن الطفولة الباكرة فيما يشق عليهم ويضر بأجسامهم . وعقولهم ايثارا للانتفاع بأجورهم على احتمال نفقتهم ، فلم نجعل هـذه الضائقة الضرورة قاعدة تقام عليها تربيتهم وتفريج عن ذويهم ، واعترافنا بهذه الحقيقة لنصلحها وتغنى المضطرين الى تسخير أبنائهم هـذه السخرة الشائنة ، فاستغنى عنها الكثيرون منهم وأنفوا منها بضمائرهم وقلوبهم بعد أن تعودوا مع الزمن أن يتجنبوها خوفا من العقوبة وطاعة للشريعـة . عن - E ولا يبدو الآن أن الضرورات التي تصرف المرأة عن حياة الأسرة يمكن أن تعالج بهذه السهولة في الجيل الذي نحن فيـه ، وأكبر الظن أنها تستعصي على العلاج في الجيل المقبل أو الذي يليه ، ولكننا تأمل فلا نغلو في الأمل أن يتكفل القرن العشرون قبل انتهائه بوضع هذه القضية الجلى في موضعها الأمين ، فيختتم صفحة الخلاف عليها كأنها خصومة بين الرجل والمرأة ، ويتركها للأجيال المقبلة شركة يتعاون فيها الجنسان كما يتعاون کا الزميـلان . . ۲۱۵