صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/218

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

منها الى أخلاق الفرد والجماعة ونستشف منها بداهة النوع في احتياله للمحافظة على بقائه ونموه ، ولا يفوتنا حين نطلع على تكوين الأسرة أن نلم بأحوال المجتمع في علاقاته الاقتصادية والسياسية . ونحن نستلهم حكمة الطبيعة فنعلم أن المجتمع السلامة والاستقامة كلما ابتعد بالمرأة عن الأسرة ونحتي بينها وبين وظيفة الأمومة وتربية الجيل المقبل وتدبير البيت لتسكن اليه وتسكن اليه الأسرة موثلا للعطف والراحة من تكاليف السعي والمعيشة . وليس مدار البحث هنا أن نعلم مدى الحقوق السياسية التي تنالها المرأة في أمتها ، ولا عدد الوظائف التي تشغلها والدراسات العلمية التي تتلقاها ومراكز الأعمال العامة التي تتولاها . فاننا لا نواجه خطرا مقبلا اذا استغنت المرأة عن هذه الأعمال ولا ينود المجتمع أن يولى الرجل كل ما تتخلى عنه المرأة يوم تكتفى بوظيفة الأم وسياسة الأسرة في الحياة البيتية ولوازمها ولكننا نواجه الخطر المحقق اذا تخلت المرأة عن حياة الأسرة ، ونبتعد عن حكمة الطبيعة فنفهم أن المرأة والرجل كليهما من السلامة والاستقامة ، وينبغي أن تتوخى في الاصلاح الاجتماعي رد المجتمع اليهما وتشيط الدوافع التي تحفز الناس - نساء ورجالا – الى الشطط عن سواء الطبع في توزيع الأعمال بين الجنسين . ومن اللجاجة أن تنقلب هذه المسألة الحيوية الى منازعة على كفاءة الجنسين في شئون العلم والعمل ، فالأمر الذي لا منازعة فيه أن المرأة خلقت للأمومة وصلحت التربية عواطف الأسرة ، فلا يحسن بالمجتمع أن يضطرها الى التخلي عن مكانها في الأسرة ، وأن يلجئها الى التضحية ۲۱۶