صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/216

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وكان كل ما تشكوه المرأة من مساوىء الاجتماع يشكوه الرجل مع اختلاف في الدرجة واختلاف في القدرة على الشكاية ، وربما صمتت الشكاية باختيار متفق عليه بين الرجال والنساء . وقد يقف الرجال والنساء معا في حظيرة الاتهام أمام ضحية أخرى لا هي بالخصم ولا هي بالطرف المعقول في موقف من مواقف الخصومة ، وتلك هي الطفولة المظلومة من البنين والبنات ، قبل أن يصبحوا مع الزمن رجالا ونساء وآباء وأمهات Y شك في ظلم الطفولة يوم كان الرجال مظلومين والنسـاء مظلومات ، وما من شك كذلك في مصاب الجميع بجرائر هذا الظل الظلم : مصاب الظالمين والمظلومين كم ظلمت الأم في العصور الغابرة من وليد تحبه ووليدة تحبها ؟ وكم ضاع هذا الظلم بين تبعة لا تعرف وتبعة تعرف على جهل وضلالة ؟ المسئول الجهل والضلالة ? قل على حد سواء انهـم البنون والبنات ، كما تقول انهم الآباء والأمهات ، أو تقول انهم الرجال والنسـاء . ... فاذا قيل ان قضية « تحرير المرأة » قضية حق في نشأتها ، فذلك صدق لا جدال فيه . ولكنها توضع موضع الغلط حين يقال انها قضية خصومة بينها وبين الرجل ، وان الفصل فيها انما هو انتصار طالب على مطلوب ، أو صلح بين ضدين يكسب أحدهما بمقدار ما يخسر غريمه في هذه المقاضاة . انما توضع قضية المرأة في موضعها الصحيح يوم يقضى فيها على أنها علاقة بين شريكين يتوزع بينهما العمل على حسب اختلاف الوظيفة والاستعداد ، وكلاهما خاسر مغبون اذا أخل بحق شریکه ونازعه في عمله