صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/203

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الوسطى مشلولة الحركة محرومة من وسائل جمع الكلمة والاعراب عنها ولكنهما لا تستطيعان منفردتين أن تتحكما في أمة تتوسطها طبقة غير قليلة العدد ولا محرومة من وسائل الاتحاد ، كالطبقة الوسطى التي تظهر بين الفريقين كلما اتسع مجال الصناعة وتعددت الأعمال الفنية وضروب التصرف في التجارة والزراعة وجملة المرافق الاقتصادية .

ومن بوادر الأمل في المستقبل أن المجتمع الحديث يتمشى الى هذه الغاية المثالية ، وان « الآلة » تعود فتظهر في التاريخ أداة من أدوات النجاة كلما استحكمت مشكلات الاجتماع وتفاقمت من جرائها زعازع والبغضاء .

فالثروة في المجتمعات الصناعية لا تكفي وحدها للقبض على زمام النفوذ ، لأنها تحتاج أبدا الى خبراء الصناعة والادارة والاقتصاد ، وليس في وسع صاحب الثروة أن يتخذ من المصنع الكبير سلاحا یملی به مشيئته على قومه ، لأنه وهو يملك المال – يضطر الى معونة المهندس والمدير وخبير الاقتصاد ومتعهد الترويج والاعلان ، وربما جهل من شئون ثروته. ما يعلمه هؤلاء ويقدرون على التصرف فيه .

وهذه الثروة التي كانت تنحصر في يد واحدة أو أيد قليلة يستدعي نظام المعاملة في مجتمعات الصناعة الكبرى أن تنفرق بين الشركاء والمساهمين على حسب الحصص والسهوم . فيحسب رأس المال بالملايين ويحسب مالكوه بالمئات والألوف ، ويصعب تقسيم المالكين في هـذه الحالة الى طبقات وفئات يقف بعضها من بعض موقف المغالبة والصراع .

ويسرى مع نظام المساهمة نظام التعاون بين البائعين والشراة على سنة المشاركة والتضامن في الكسب والخسارة ، وقلما تتباعد المسافة بين الطبقات حيث تحسب الثروة بالحصص والسهوم بين المتعاونين والشركاء.

۱۹۹