صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/202

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

۹ – المجتمـع


من أضر الآفات بنظام الاجتماع أن تكون الطبقة الوسطى في الأمة محرومة من وسائلها لابلاغ صوتها واثبات حقها وتقرير مشيئتها .

فهذه الطبقة التي تؤدي للمجتمع معظم أعماله المتوسطة بين اقتناء الثروة والقيام بالصناعات اليدوية لا تملك المال والجاه كما يملكها العلية ولا تسلك سلاح الاضراب والعمل المشترك كما يملكه أصحاب الأجور ، ولو ملكت معهما بعض ما ينبغي لها من المشاركة في الرأي والنفـوذ لاستحال قيام الحكم المطلق بسند من أصحاب المال والجاه أو بسند من أصحاب الأجور والصناعات اليدوية .

ان المجتمع المثالي هو المجتمع الذي تستطيع كل طبقة فيه أن تأخذ بنصيبها وتذود عن حقها بوسائلها ، ومثل هذا المجتمع لم يوجد بعد على تمامه ، ولكنه يوجد شيئا فشيئا كلما اتسع نطاق الصناعة الكبرى وتعددت مرافق المعاملات الاقتصادية ، وحالة الطبقة الوسطى هي أصدق المقاييس التي تقاس بها درجة المجتمع من الارتقاء والانتظام والعدل والحرية ، فلا سبيل الى استبداد فئة بغيرها في مجتمع تتكافأ طبقاته وتتوازن في القدرة والوسيلة . وانما ينجم الاستبداد حين تتغلب فئة على سائر الفئات وتعجز الفئات المغلوبة عن مقاومتها ورد عاديتها بسلاح من أسلحة المصلحة والكفاية .

فأصحاب الثروة قلة تعوض قلة العدد بوفرة الجاه والنفوذ ، وأصحاب الأعمال اليدوية كثرة تعوض الثروة بالقدرة على الاتحاد والاشتراك في المطالبة ، وكلتاهما تستطيع أن تتحكم في المجتمع الذي تقف فيه طبقته

۱۹۸