صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/196

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الأصلاء الذين ولدوا فيها وولد فيها من قبلهم أسلافهم الى أزمنة مجهولة والطائفة الثانية هم المهاجرون من القارة الأسيوية وأكثرهم من العرب والهنود وأبناء الجزر الملاوية ، والطائفة الثالثة أوربيون مستعمرون، وليس للطائفة الثانية مشكلة عسيرة الحل لأنها تبقى وتندمج في القارة أو تعود الى أوطانها باختيارها . أما المشكلة التي لا تحل بالحسنى فهى مشكلة المستعمر الذي يبسط سيادته على أهلها بغير أمل في انتهاء هذه السيادة الا أن يظل الأفريقيون تابعين له مسخرين في خدمته أو يثوروا عليه فيطردوه . ومهما يبلغ من سلطانهم على القارة فهو أضعف من الغاية التي يطمحون اليها والنية التي يبيتونها وهي نية الاصرار على استعباد مئات الملايين بغير أمل لهم في خلاص قريب أو بعيد ، وتلك نية تعارضها الطبيعة كما يعارضها أولئك الملايين المصابون بها ، وقد يتخاذل دونها سلطان المستعمرين يوما من الأيام فلا تجتمع كلمتهم عليه في موقف الحسم حيث يحتاجون اليه، ولن تصبح أفريقية وطنا للمستعمرين الا بوسيلة واحدة، وهي أن يصبحوا أفريقيين كسائر الأفريقيين وأن يجيء اليوم الذي يقفون فيه مناضلين عن أفريقية كما فعـل الأمريكي في نضاله البريطان والأسبان .

وسيخرج الأفريقي الأصيل من القرن العشرين بفائدة أكبر من فائدة تقرير المصير ، اذا تعود في السنين الباقية منه أن يلتمس الدراية التي تجعله يدا عاملة في تعميم النفع بخيرات بلاده وينابيعها الغنية . اذ لا معنى لتقرير المصير بغير هذه الدراية التي يقعده عنها اليوم جهله وسقمه وما ينوء به من بقايا الخرافات وتقاليد السذاجة في النظم الاجتماعية . ومما يبعث الأمل في نهضة لالتماس هذه الدراية أن طلاب المصالح العالمية من أمم الحضارة محتاجون الى تعليمه والانتفاع بمعونته ، وهم يجدون أن التعاون معه

۱۹۲