صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/195

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الثانية ، لأن عوامل التضامن مقبلة متقدمة وعوامل الفرقة والشقاق مديرة مترددة تنكص على عقبيها » (۱) .

كانت القارة الأفريقية تسمى بالقارة المظلمة لأنها بقيت مجهولة على خريطة الكرة الأرضية يسكنها السود فيما عرف في أطرافها ويحيط بها سواد من الظلام والخفاء .

وكانت تسمى أحيانا بالقارة المتنحية كأنها تركت ركب الانسانية يسير في تاريخه الطويل ولبثت في مكانها كما كانت في مجاهل ذلك التاريخ .

وليست هي اليوم بالقارة المظلمة لأنها تكشفت عن دخائلها وتسلطت عليها أنوار الاستطلاع في جوفها ومن حولها فلم تبق منها زاوية مجهولة أو بقعة غير مطروقة .

وليست هي بالقارة المتنحية لأنها أدركت ركب العالم في نهاية شوطه ويرجى أن تماشيه وتمده فيما يستقبله من مراحل حضارته - وقد صدق من سماها في السنوات الأخيرة بقارة الغد لأنها في الغد تبدأ مصيرها الذي تختاره بعد أن تفاهم العالم الانساني على حق الشعوب جميعا في تقرير المصير .

وكل مصير لأفريقية لا يكون مصيرا مرضيا للأفريقيين يخل بتضامن العالم ويعوق سيره الى التعاون والمؤاخاة . فلا تعاون بين الأمم في عالم يتخذ أفريقية مطية يسوقها الى مصير غير مصيرها الذي ترضـاه أو يتخذها ضيعة للمتغلبين المستغلين يبتزون ثمراتها ولا يتركون لأبنائها من تلك الثمرات غير فضلة الأجير المعبون .

ان سكان أفريقية ثلاث طوائف : أولها بطبيعة الحال أبناء أفريقية


(۱) من مقدمة المؤلف على « رسالة التعاون الاقتصادي ، يقام ب . ج . وودز .

۱۹۱