صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/192

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

« العملة ، أو المقايضة ، أو الرهن ، أو الضمان ، أو الخدمة سدادا للدين ، أو حساب الضائع والمفقود والاحسان . ثم لجأت أخيرا الى علاج يجمع بين مصالح البـاعة والمشترين وهو جماعات التعاون التي يعتبر المشتركون فيها من البائعين ومن المشترين . ولا يحتاج العالم الواسـع الى ابتداع علاج جديد غير هذه العلاجات التي طال عليها القدم ، ولكنه يحتاج الى الأساليب التي تمكنه من تطبيقها في نطاقه الواسع ، ويحاول الآن شتى المحاولات فيهتدى حينا ويضل حينا، ولن يزال ردحا طويلا بين الهدى والضلال .

« ومهما يكن من صواب الآراء التي توحي بتلك المحاولات فالتجارب العملية حيلة ضرورية لاتغنى عنها محاولة يختارها أصحاب هذه الآراء.

« فهذه التجارب العملية هي التي تهدى كل أمة الى اجتناب الجهود الضائعة في تقدير لوازمها والموازنة بين ما تحتاجه من العالم وما يحتاجه العالم منها، واستمرار الاحساس بالنقص والتعويض من هنا تارة ومن هناك تارة أخرى خليق أن يوقظ الغافل ويرشد الضال ويصحح المخطىء عن جهالة منه وعن لحاجة في الباطل.

« واذا كانت المحاولات من أهل الرأي لا تغنى عن التجارب العملية فالأمر الذي لا شك فيه كذلك ان التجارب العملية لا تغنى و وحدها محاولات أهل الرأي وعن اختيار الحلول التي تنمشى مع حلول الضرورة فتعجل خطاها وتقوم اعوجاجها، وقد كان التساند بين ضرورات الواقع ومحاولات المديرين والمتدبرين ديدنا طبيعيا يتكرر في كل حـركة من حركات التاريخ الكبرى، ويصدق على أعمال الأفراد كما يصدق على أعمال الجماعات.

« فالهيئات الدولية – ولولم تكن لها سلطة عامة – تستطيع أن

۱۸۸