صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/191

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

معنى ذلك أنها تفعل كل ما تريد وتستبد بالرأي في كل ما تبتغيه ، ولكنها تملك الاستقلال بمقدار ما تملك من العلم والثروة والكفاية السياسية ، وكذلك يستقل الآحاد الراشدون في حقوق التصرف والمعاملة فلا حجر عليه بحكم الشريعة ، وانما يصيبه الحجر أو يرتفع عنه اذا أصابه النقص في قدرته أو عوفى من نقص القدرة بعمله وعمل سواه.

ان الأقوياء في عصرنا هذا يحتاجون الى من هو أقوى منهم ، ومن هو أقوى منهم لا يسمح لهم ولا يقبل منهم أن يحتكروا الأسـواق والميادين ، ولا يرى ضرورة لاحتكار الأسواق والميادين لنفسه لأنه قادر على المنافسة والمناظرة بغير احتكار ، وهذا هو دستور العلاقات الدولية الجديد بعد دستور الاستعمار القائم على الاحتكار بقوة السلاح .

فلا مناص مع هـذا الدستور الجديد من علاقة المشاركة كيفما كان اختلاف الأنصباء فيها وكيفما كانت قسمة الشريك من الغبن والخسارة أو من الربح والغنيمة .

طويت صفحة السلعة التي تباع وتشرى ، ونشرت بعـدها صفحة المشاركة بين الأكفاء وغير الأكفاء ، وهي أشرف وأربح في جميع الأحوال الصفحة المطوية ، وهي - بعد حين - مرهونة بمصير التضامن العالمي الى التعاون على اضطرار أو التعاون على اختيار .

وسيجري التعاون في مجراه الذي توجيه ضرورات الحوادث ودراية الخبراء . وقد يهدينا تاريخ القرية الصغيرة في ماضيها المعلوم الى تاريخ العالم الواسع في مستقبله المجهول ، فان القرية قد تمثل لنا أطوار العالم في مستقبله كما يمثل الجنين أطوار نوعه في ماضيه على قول النشوئيين .

والقرية قد فرغت من تنظيم المبادلات بين أصحاب المال وأصحاب الحاجة فعالجتها في سوقها الصغيرة بعلاجاتها المختلفة وهي :


۱۸۷