صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/190

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

في القارتين قبيل منتصف القرن العشرين ، وكان الشذوذ فيهما هو الحكم المستقل أو الحكومة الذاتية ، ومن مسائل الحساب – لا من مسائل السياسة – أن نحصي الآن عدد الأمم الخاضعة للحكم الأجنبي وعدد الأمم المستقلة بحكمها والمشتركة في حكومتها فنعلم أن الأمر قد تحول من نقيض الى نقيض ، فأصبح الخضـوع للأجنبى شـذوذا وأصبح الاستقلال على درجاته قاعدة يعترف بها المتنازعون عليه وغير المتنازعين الحذلقة أن يقال انه استقلال لم يحققه العمل ولم يثبته الواقع . فان الفرق فيه كالفرق بين الحدث الناشيء الذي لا يملك التصرف القصوره و انکار حق التصرف عليه وبين الرجل الرشيد الذي يشق عليه أن يفعل ما يشاء وهو يملك أن يفعل ما يشاء عند مؤاتاة الفرص وملاءمة الظروف : كلاهما قد يشبه صاحبه أمام الواقع الذي لا يقدر عليه ، ولكن الفرق بين القاصر والرشيد فرق صحيح في الواقع لا يستهان به ولا يزهد فيه . ان الاستعمار القائم على السلاح والاحتكار صفحة مطوية لا يقوى أحد في العصر الحاضر على نشرها ، وان العلاقة بين الأمم اليوم علاقة مشاركة يقع فيها الغبن كما يقع فيها الانصاف . ولكنها كيفما كان علاقة غير علاقة السلعة التي تباع وتشرى وتحتكر أو تبذل الحال في الأسواق . . - وفيما عدا شعوبا قليلة سيأتي موعدها من تقرير المصير لا محالة يستطيع من يحقق النظر أن يعلم أن حدود الاستقلال قائمة على أساس واحد في القارات ، ، وانما حدوده القدرة التي تتفاوت كلما تفاوتت ۱۸۶ حظوظ الشعوب من الحضارة والصناعة والثروة والتربية السياسية ، فليس في العالم أمة محكوم عليها بالخضوع الدائم لأنها غير أهـل للاستقلال ، وليس في العالم كذلك أمة مستقلة تمام الاستقلال اذا كان