صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/187

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

اليسير اقناعهم ولا انتزاع معونتهم على الرغم منهم . فاذا تيسر لولاة الأمر في دولة كبيرة أن يقنعوا المعارضين لهم في بلادهم فليس اقناع المعارضين لهم في خارج بلادهم بالأمر اليسير .

وقد نرى غدا أن وبال الأسلحة الجديدة هي صمام الأمان ومفتاح الأمل في اجتناب الحرب العالمية ، فان تعذر اجتناب الحرب فربما اتفق الرأي على اجتناب الأسلحة الجائحـة من قذائف الذرة والصواريخ الموجهة وما اليها ، ويصح القياس في هذا الأمل على أسلحة معروفة تمكن المقاتلون من اجتنابها وهي أفتك وأقرب الى متناول الجميع من أسلحة الذرة والصواريخ ، وتلك هي الأسلحة المكروبية.

فالأمم التي تقدر على صناعة أسلحة المكروبات والجراثيم أكثر من التي تخترع الأسلحة الذرية والصاروخية ، ونفقات الأسلحة التي تنشر عدوى الطواعين والأوبئـة أقل من نفقات شـق الذرة وتوجيه الصاروخ ، والكوارث التي تلحقها بالأعداء أشد كوارث القذائف المرهوبة من كل سلاح جديد ، وقد أصبحت صناعة الأسلحة المكروبية في طاقة عشرات من الأمم قبل اتقان الطيران وقبل التمكن من اصابة المرمى البعيد بالمدفع والبندقية ، فان تلويث الأنهار والأمواه – بل تلويث الأجواء – في البلاد المعادية لم يكن عسيرا على أمة لديها معامل التحليل والتركيب وان لم تكن لديها مصانع التسليح ، وفى وسع شرذمة

من الجواسيس أن تندس في أطراف البلد المقصـود فتنشر فيه الوباء وتعطل فيه كل وسيلة من وسائل القتال والاستعداد وكل وسيلة من وسائل التموين والعلاج ، ولم يحدث حتى اليوم أن أحدا في مأزق من مآزق الهزيمة التي تهون كل شيء على البائس المستميت قد أغراه اليأس باستخدام هذا السلاح ، فلا نغلو في التفاؤل اذا علقنا الرجاء بحكمة

۱۸۳