صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/186

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

من حيل التوفيق أو حيل التأجيل والامهال فالقوى بين المعسكرين متكافئة متوازنة مهما يكن من الفارق بينها ، فهو فارق لا يغرى بالطمع في العلبة على ثقـة من عوارض الحـرب ونكساتها المجهولة . وقد كانت شرور الحرب فيما مضى تنتهى بنهايتها وتتلوها الغنيمة المضمونة لمن يفوز بالغلبة فيها ، وليست الغنيمة اليوم مضمونة للظافر المتغلب بل لعله يبوء من الغلبة بالخسارة والتعويض للأمم التي أصابتها الهزيمة الفادحة ، وعلى قدر فداحة الهزيمة يكون سوء الحالة بين الشعوب التي تبتلى بجرائرها ، ويكون العبء الثقيـل على كواهل الظافرين المسئولين عن تلك الجرائر ، الخائفين على أنفسهم من عقابيلها ، وأولها انهدام القواعد التي يقوم عليها بناء المجتمع عندهم سواء منها ما قام على الديمقراطية أو على الشيوعية ومن ضوابط السلم في عصرنا أن الهجوم على الحرب عسير على ولاة الأمر في الأمم الدستورية وغير يسير على ولاة الأمر في الأمم التي تخضع للحكم المطلق على صورة من صوره السافرة أو المقنعة . فليس في هذه الأمم أو تلك رئيس واحد يملك أن يعلن الحرب وأن يقبض على زمامها وهو آمن على بقاء ذلك الزمام في يديه الى النهاية . ولابد من النظر الى عامل جديد في هذا العصر لم يكن له شأن خطير في حروب الأزمنة الغابرة ، ونعني به شأن المحايدين الذين يرجحون احدى الكفتين بالتزام الحيدة أو بالسماح لأحد الفريقين بمعونة التموين وتيسير المواصلات ونقل الأخبار والمعلومات ، فلم يكن للمحايدين مثل هـذا الشأن في حروب الأزمنة الغابرة ، وليس من المستطاع في حرب عالمية اغفال شأنهم كبارا وصغارا في بقعة من بقاع الكرة الأرضية ، وليس من ۱۸۲ .