صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/184

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

كلا . بل يظهر لنا اليوم أن الخطر الذي ينذر باجتياح العالم ويوشك أن يشطره الى معسكرين متناحرين انما هو خطر واسع يطوى الأجناس والطوائف في برنامج شامل يعده كل من الطرفين المتقابلين لتطبيقه على الشعوب من جميع الأجناس والألوان . كل على طريقته يبشر بالوحدة العالمية ، وقد ينقسم أبنـاء الوطن الواحد والجنس الواحد فريقين متقابلين ، يريد أحدهما أن يوحد العالم الانساني على هذه الطريقة ويريد مخالفوه ومناقضوه أن يحققوا هذه الوحدة على الطريقة الأخرى . هنا أيضا يتراءى لنا أن تيار الوحدة العالمية هو الغالب على كل تيار يعترضه وينشنى به عن مجراه . فلا تناقض في الوجهة وانما التناقض في الدفة التي تسير بالسفينة اليها . ولا يرى حتى الآن أن المعسكرين ( وهما- كما هو ظاهر - معسكر الديمقراطية ومعسكر الشيوعية ) يتباعدان في التطبيق ويولى كلاهما الى الطرف الأقصى من دعواه ، بل يرى على خلاف ذلك أن المستقبل كفيل بالتقريب بين الديمقراطية والشيوعية في مسألة المسائل بين المذهبين مسألة الطبقات ، لأن معسكر الديمقراطية يقل التفاوت فيه بين أغنى الأغنياء وأفقر الفقراء وتتوزع الثروات الكبيرة فيه بين أصحاب الحصص والسهوم فلا يتمكن فيها أحد من حصر الثراء في يديه أو من الاستئثار بنفوذ المال ونفوذ الحكم والجاه ، ويقابل هذا في المعسكر الشيوعي أن الطبقات تتعدد ولا تتوحد وأن العمال يتفاوتون كما تتفاوت الأعمال ، وأن الاحتكار ينتقل من أيدي الأفراد والشركات الى أيدى الدولة ويوشك أن يثير عليها رعاياها ويضطرها الى النزول عن كثير من السلطان المطلق الذي يمكنها منه احتكار المال والصناعة . وليس هنالك ۱۸۰