صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/182

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

آدم والأم حواء » مهما يكن تفسير العلم الحديث لمعنى تلك الأبوة وتلك الأمومة . وكل ما ثبت من الفروق – حتى الفروق الوراثية – يعود في وقت قريب أو بعيد الى أسباب مكتسبة تتغير مع البيئة والزمن وطول الاختلاط بين الأمم والقبائل . فليس للسيادة صفات ثابتة في جنس دون جنس . ولا في أمة دون أمة . وقد سادت في القارة الأوربية أمم من المغول والساميين ، وساد أناس من السود بين أناس من البيض ، ودارت الحضارة دواليك من شرق الى غرب ومن جنوب الى شمال ، ومهما تتعدد أجناس الانسان فالنوع الانساني واحد والخصائص الانسانية عامة مشاعة غير محتكرة ولا مقصورة مدى الزمن على بقعة دون بقعة ولا على سلالة دون سلالة .. ولا ننسى موطن العبرة في هذا الاتجاه الصالح الذي يتجه اليه علم الأجناس بعد الحرب العالمية الثانية . فان العلم قد تطغى عليه السياسة حقبة تطول أو تقصر ولكنه يتخلص من طغيانها ليجرى في مجراه . هذه آراء علمية من ولائد القرن العشرين ، لم يكن يقابلها في القرن التاسع عشر غير دعوات انسانية تتمثل في المناداة بتحرير الأرقاء أو انصاف الشعوب المحكومة من جنس الحاكم المتسلط عليها أو من غير جنسه ، ولم تكن منها دعوة تستند إلى البحث في خصائص الجنس أو تكوين السلالة أو شواهد العلم التي تقارب بين أبناء النـوع الانساني في الانصاف الخصائص والتكوين ، وقصاراها من والمروءة – انها كانت تنادى بأن العبيد أكرم من الحيوان فلا يجوز أن يباعوا ويشتروا في الأسواق كما تباع الماشية العجماء ، ولا يمنع هذا أن يكون المنادي بتفضيل الانسان الأسود على الحيوان مناديا عن يقين انصـاف العاطفة ۱۷۸ -