صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/177

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

وأخطر من قضايا الأوطان على الوحدة العالمية قضايا العناصر والسلالات ، لأن الخلاف عليها لم ينحسم بعد في الرأي ولا في الواقع ، ولا تزال ذريعة للدعوى باسم من الأسماء تتفاوت في الصراحة والاستقامة وفى الرياء والالتواء .

على أننا اذا نظرنا الى تاريخ دعوى العناصر والأجناس من ناحيتها النظرية لم نخطىء أن نلمس فيها جنوحا مطردا الى التقارب وابتعادا مطردا عن التشبث بالفواصل المزعومة بين عناصر البشر في الزمن القديم .

كان علم الأجناس البشرية يتجه في القرن التاسع عشر الى توسيع المسافة بين أجناس البشر واثبات الفوارق البعيدة بين كل جنس منها وسائر الأجناس الأخرى ، وكان يخلط كثيرا بين فكرة الأمة وفكرة العنصر . وهما شيئان مختلفان ، لأن الأمة على الأرجح رابطة اجتماعية تاريخية في حين أن العنصر رابطة من روابط الدم والسلالة العصبية ، وقد تتفرق مواقعها فلا تجمعها بقعة واحدة ، وكان للعوامل الدوليـة والسياسية حكمها في كل من الاتجاهين ، فكان الاستعمار وحب التسلط هما الباعث الأكبر على توسيع الفوارق بين الأجناس ، وعلى تفضيل جنس منها على سائرها ، تسويغا للسيطرة والاستغلال واقامة الحكم الأجنبي في البلاد المستعمرة ، أو تسويغا للسيادة والانتفاع بالمرافق والجهود المسخرة .

كانت الدولة الجرمانية تبحث عن مستعمرات لها في الشرق الأقصى بعد أن تم تقسيم المستعمرات في افريقية وآسية . فنادى الساسة فيها بالخطر الأصفر ، وأرادوا به الخطر المتوقع من جانب اليابان والصين اذا انطلق « التنين الأصفر » –کما سموه في طريق الحرية والتقدم وترددت صيحة الخطر الأصفر في كل دولة تبعـا لموقفها من البـلاد

۱۷۳