صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/176

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

من ضمانات غير أن هذه القضايا أيضا من أسباب التمهيد التي لا معيـد عنها التحقيق الوحدة الانسانية أو تحقيق التعاون بين أقوياء الأمم وضعفائها وبين المتقدم منها والمتخلف في الحضارة وأحوال المعيشة - فقيام الأوطان المعترف بها خطوة لازمة قبل خطوة الوحدة العالمية ، اذ كانت الوحدة لا تنأتى بين أوطان معصوبة وأوطان غاصبة وبين أمم مجردة من الحقوق وأمم تعتدي على تلك الحقوق ولا تعترف بها ولا بالاعتداء عليها . فمن الطبيعي اذا قامت للعالم أسرة واحدة أن تتألف هذه الأسرة من أعضاء تربط بينهم رعاية القرابة والمشاركة في الحرية والكرامة . وليست قضايا الأوطان الا المقدمة التي لابد منها لتلك النتيجة التي تفضي اليها ، وهي اليوم ينبوع من ينابيع النزاع والخطر ولكنها في الغد فسمان السلام والتعاون والمشاركة في الأعباء العالمية ، مثلها في ذلك مثل الحقوق الشخصية الذي أصبحت في كل مجتمع من مجتمعات الحضارة ضمانا للنظام والشريعة في ذلك المجتمع ، بعد أن كان النزاع بين الأشخاص حائلا دون قيام الوحدة في الجماعة على أساس القومية . ان قضايا الأوطان هي أيضا من طلائع الوحدة العالمية التي تنطوى على البشارة حين تنطوى على النذير ، وهي اليوم محل اعتراف في الرأي وان لم تبلغ بعد مبلغ الاعتراف في الواقع ، اذ كان تقرير المصير مبدأ مسلما في معاملات الدول ومحافلها المجتمعة ، فلا ينكره أحد من المعارضين له في سياسته العملية ، بل نرى من الحاكمين الأجانب من يحتال عليه بتوحيد الوطن الحاكم والوطن المحكوم واعتبار الرعايا شركاء للرعاة في الحقوق الوطنية ووظائف الدولة ، وهي ظاهرة من ظواهر العصر لا تبخس قيمتها العملية فضلا قيمتها النظرية ، لأن المضى في الدعوى المنكرة باجماع الأمم أمر لا تطول المغالطة فيه ا عن ۱۷۲