صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/175

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

يكن يمنعها مانع أن تنقض عليه وأن تقهره وتضطره الى الخضـوع لحكمها ما دامت تريد البقاء فيه ، ولم يكن من العسير عليها اذا تنافس الأقوياء من نظائرها أن تتفاهم على التقاسم وتبادل السكوت والاغضاء .

أما اليوم فالدولة القوية التي تطمع هذا الطمع تجد الموانع من داخلها ومما حولها ومن نظرائها ومن الضعيف ومن يشبهه في حالته من غير الأقوياء .

يمنعها في داخلها فريق من أبنائها يزهد في العـدوان على الوطن الضعيف لأنه لا يستفيد منه ، ان لم يزهد فيه ايمانا بالحق و الانصاف

ويمنعها مما حولها ومن نظرائها انهم يخسرون باحتكارها الحكم في غير وطنها ولا يتعوضون من هذه الخسارة شيئا تمنحهم اياه وتملك ان تمنعه عنهم بمشيئتها ، وكلما عظمت الدولة وعظمت ثروتها تشعبت مصالحها واشتدت رغبتها في فتح الأبواب لها ولغيرها ، لأنها تستطيع – ولو نافست ذلك الغير – أن تحقق مصالحها في البلد المفتوح بما لها من الوفر والقدرة على الصبر والاحتمال وعلى تبادل المنافع بينها وبين مختلف الأمم والجهات ، وربما كان من الأمم التي تحتاج اليها ذلك القوى الطامع في احتكار السيطرة على هذا الوطن أو ذاك .

***

وتأتى قضايا الأوطان في الصف الأول بين قضايا الخطر على السلام العالمي والوحدة الانسانية ، ومنها قضايا الاستقلال في الأمم التي تحكمها أمم أجنبية ، وقضايا النزاع بين الأوطان المتنافسة على النفوذ والمرافق المشتركة ، وقضايا النزاع بين الدول القوية التي تختلف فيما بينها على سياسة المحكومين وعلى العلاقات الدولية في جملتها ، وكلها من ينابيع الخطر التي لا تؤمن غائلتها على علاقات التضامن بين الأمم ومن ثم على الأمل في اقتراب عهد الوحدة الانسانية .


۱۷۱