صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/174

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

ان كفة الخير في هذه المشكلات أرجح من كفة الشر ، وانها لتحسب من البشائر بتذليل المصاعب ولا تحسب من العقبات التي لا تنقاد للتذليل. على أن العالم الانساني فيه كثير من المشكلات المنذرة بالخطر غير تلك المشكلات .

فيه مشكلات النزاع بين الأوطان ، وفيه مشكلات النزاع بين المشرق والمغرب ، وفيه مشكلات النزاع بين الميسورين والمحرومين ، وكلها من المشكلات التي تتشعب بين الأمم وتتغلغل بين طوائف الأمة الواحدة ، وتأبى للعالم في عصرنا هذا أن يتعاون ويتوحد ، وقد تأبى عليه أحيانا أن يرغب في التعاون والاتحاد .

فأين هي عوامل الأمل وعوامل القنوط في مشتبك هذه الأخطار ؟ لا ندري ما مصيرها ! فهل ترانا لا تدري عند الموازنة بينها وبين عوامل التضامن العالمي أيها أقوى وأيها يمضى في اتجاه الزمن ، وأيها يحسب من بقايا الأمس التي تسرع أو تبطىء الى الزوال .

ان التضامن العالمي أقوى منها جميعا وأحدث منها في أسبابه على الأقل ، وأدني – من ثم – أن يكون له الغد المرجو ولا يلحق ببقايا الأمس التي أخذت في الزوال .

ان مشكلة النزاع بين الأوطان لمن أخطر المشكلات على تضامن العالم فيما مضى وفي العهد الذي نحن فيه .

ولكنه خطر يتغير ويسرع في التغير ، ويأتي التغير فيه من جانب الأقوياء الطامعين ومن جانب الضعفاء المطموع فيهـم ، ومن جانب المحايدين الذين تقف بهم علاقات السياسة أحيانا في وسط الطريق لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء .

فالدولة القوية التي كانت قبل مائة عام تطمع في وطن ضعيف لم


۱۷۰