صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/173

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الحادي والعشرين ، فهل ترانا لا ندري أي العوامل التي تعمل لكلتا العاقبتين أرجح وأقوى في أيامنا هذه ، وأيها يرجى أن يزداد رجحانا وقوة على مدى الأيام ؟

اذا كان هذا هو مدار السؤال فمن الافراط في الشك والحذر أن نحجم عن الموازنة بين عوامل الأمل وعوامل القنوط ، لأن هذه العوامل قابلة للموازنة والمقارنة ، وظاهرة في طبيعتها التي تمضى مع التيـار المأمول أو تدبر بذلك التيار وتصده الى الوراء . ومن هذه الموازنة بين العوامل المقبلة والعوامل المدبرة لا يستطيع المتشائم أن يوقن بأنه على صواب ، وقد يستطيع المتفائل أن يطمئن الى مآل الصراع بين دواعي التضامن ودواعي التصدع والانحلال .

فمن المشكلات التي تروعنا اليوم مشكلات لم تكن لتظهر ولا لتنذر بالخطر الداهم لو لم يكن بين الأمم رباط من التضامن في المصالح والعلاقات يضطرها الى المبالاة بالقريب والبعيد من مشكلات الأقوياء والضعفاء .

مشكلة في افريقية الجنوبية ، أو مشكلة في الشرق الأوسط ، أو مشكلة في زاوية من زوايا القارة الأسيوية ، وكلها تحدث اليوم فتبعث القلق والتربص والاستعداد في محافل الأمم بعد أيام .

وقديما كانت المشكلة في موقع من هذه المواقع تحدث وتنقضى ولا يعلم بها أحد ولا ينبعث منها القلق اذا علم بها بعيد أو قريب .

فاذا أقمنا الموازنة بين عوامل التفاؤل وعوامل التشاؤم في هـذه المشكلات حق لنا أن نتفاءل بها ولا تتشاءم منها ، لأنها من علامات التضامن الواقع الذي يوحد بين الأخطار ويضطر الأمم الى توحيـد العزائم لدفع تلك الأخطار واتقاء وقوعها قبل التفاقم والاستفحال .



١٦٩