صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/165

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

عقباتها لم تذلل ولا يرى أنها قريبة التذليل ولو تقدم اختراع المكنات وأدوات الانتقال أضعاف ما انتهى اليه حتى الآن . وقبل أن تستقر هذه المحاولات على نتيجة مقنعة فيما يمكن تذليله هذه العقبات يتساءل المطلعون والمتطلعون : ماذا يرجى من وراء تذليلها ؟ وماذا يجد السائح السماوي في الكواكب العليا اذا وصل اليها ? أثمة حياة ? أثمة أحياء عاقلة على نجم من تلك النجوم ? أئمة عالم آخر ؟ أثمة مخلوقات سماوية ؟ والظاهر هذه الأسئلة أنها لا تسلم من ايحاء اللفظ ولعب الخيال واسترسال الذهن مع تداعى الخواطر والمشابهات فالذين يسألون عن « العالم الآخر » تثب أذهانهم من هذه الكلمة الى « العالم الآخر » الذي يترقبه المؤمنون في حياة بعد هذه الحياة ، ويخيل اليهم أنه في آخر الكون لأنه بعيد من الأرض في آفاق تشبه « الآخرة » في أعلى السماوات . فما يدريهم ان آخر الكون لا يكون في هذه الأرض أو لا يكون على مقربة منها ؟ ومن أين يكون الابتداء والى أين صر الانتهاء في هذا الفضاء ، وكله فضاء ... ? والذين يتكلمون عن الكواكب كأنها السماء يستخدمون العبارات التي استخدمها الأقدمون يوم كانوا يحسبون أن الأرض في قرار الكون وكل ما طلع من نجم شارق فهو فوقها في مكان يعلو عليها ... ولكننا اذا استخلصنا الألفاظ من هذه الايحاءات فالحياة التي نسائل عنها في الكواكب الأخرى قد تكون دون الحياة في الأرض كما تكون أعلى وأكمل منها في تركيبها ، وقد تكون الأرض سماء عليا بالنسبة اليها ومكانا قصيا على مدى شاسع منها لما يفصل بين الأرض وبينها ، وقد تكون الأرض أصلح منها الحياة ، منفردة بشروطها التي تلائمها . م - 11 القرن العشرون . ۱۶۱