صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/164

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الصناعية ، لأنهم ترقبوا أن يعرفوا منها كيف يكون سريان الفساد في جسم الحيوان بعد مفارقة الحياة على مسافة من سطح الكرة الأرضية ، وأن يعرفوا كيف يدب الفساد من داخل الجسم ومن خارجه بعد توقف عمل الحياة فيه ، وربما ظهر لهم أن وجود الانسان فترة من الوقت في الآفاق العليا كان للشفاء من بعض الأمراض ، وان هناك مناعة المكروبات أو عاملا من عوامل المقاومة لها في طبقة من طبقات الجـو الأرضى يصل اليها الانسان أو يستطيع أن يصنع حوله جوا يحاكيها وهو مقيم في داره أو في مستشفاه.

وعلى الجملة يقال الآن ان طب الفضاء ماض في دور المراقبة والجمع والتسجيل ، وان المعلومات المتفرقة التي جمعها تنتظر المراجعة والمقابلة قبل أن ينتظم منها محصول كاف لاقامة القواعد التي تبنى عليها نتائج النظر والتفكير ، ثم يأتي بعد ذلك ما يمكن أن يعمل وما يلزم أن يعمل ، ولیس کله عمل الأطباء ، بل منه ما يتم على أيدي المخترعين والصناع بتوجه المختصين من علماء الطبيعة والأطباء وقد يحتاج الأمر الى كسوة مزودة بأجهزة للتنفس وأجهزة لموازنة فعل الجاذبية وفعل الضغط على اختلاف الأبعاد والطبقات ، ولابد مع هذا تكوين جو الطيارة على النحو الذي يناسب جميع ركابها معا ، ويناسب كل راكب منهم على انفراد . لأن كل واحد منهم يستقل بحركات لا يشاركه فيها زملاؤه في الطيارة ولا يشاركونه فيها من باب أولى – متى وصلوا الى مكان يهبطون عليه .

فمسألة السفر بين الكواكب ليست اذن بالسهولة التي تتخيلها في الوقت الحاضر ، وسواء جاءت الصعوبة من تركيب بنية الانسان أو من تركيب الفضاء والأفلاك فالمتفق عليه أنها صعوبة كثيرة العقبات وأن




١٦٠