صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/148

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فهما اذن رأيان لا ينكران الواقع ولا ينكران الحقيقة الالهيـة ولا يختلفان فيما هو الأعلى منهما وما هو الأدنى ، ولكنهما يختلفان بعد ذلك في نقطة الابتداء . وجدير بالتنويه هنا ان المذاهب الواقعية والمثالية جميعا في القرن العشرين تعنى أشد العناية بحركة الزمان في الفضاء .. فان هذا الزمان الذي كان في عرف الأكثرين فرضا رياضيا يقتضيه ترتيب الحوادث قد أصبح الآن جوهرا أصيلا للموجودات بعد أن تبين العلماء أن الموجودات المادية كافة تؤول الى حركة في الأثير ، وهو مرادف عندهم للفضاء . وهذا الذي عنيناه حين قلنا في التعليق على مذهب ألكسندر : « لا شك ان مذهب اينشتين عن الزمان والمكان كان له أثر كبير في وقوع هـذا الخاطر في روع الفيلسوف ، ولكن الأثر الأكبر ولا شك يرجع الى مباحث العلوم الطبيعية في الحرارة والكهرباء ولا سيما المباحث التي قررت أن ذرات المادة تتحول الى اشعاع ، فاذا كان الاشعاع هو أصل المادة وكان الاشعاع مجرد حركة فلا جرم يخطر للفيلسوف ان حدوث الحركة في الفضاء هو أصل المادة في صورتها الأولى ومن عجائب الاتفاق في هذه المناحي الفلسفية أن يكون الكسندر الواقعي تلميذا في مذهبه عن الزمان لهنری برجسون أكبر المثاليين من أعلام الفلسفة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين فمذهبه في الزمان شبيه بمذهب برجسون الذي يقول بأن الزمان أصيل في خلق المادة وأن « التغير » الذي هو قوام الزمان ينشىء الكائنات وينميها ولا يفنى ماضيه بانقضائه بل يتسع مع الحاضر كما في مجراه ويشق طريقه الى المستقبل محتفظا بما كان وبما هو كائن الى (۱) کتاب « الله " للمؤلف 166