صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/147

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

البداءة بين قبلة العالم وقبلة المتصوف وقبلة الفيلسوف ، كل منهم يولى شطرا غير شطر صاحبه ، الى غير لقاء . وقد تدرك هذا الاتفاق في الغاية من أيسر نظرة الى مذاهب الفلسفة التي نشأت بين أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحاضر ، فان المذاهب الجديدة من واقعية أو مثالية – تمضى على نهج واحد أو على خط واحد في الاعتراف بالمادة والفكرة ، وكل ما تختلف فيه أن تذكر موضع الابتداء وموضع الانتهاء ، ومثلهم في ذلك مثل من يسمى فيقول انه خط يمتد من المحيط الأطلسي الى المحيط الهادي أو يقول انه المحيط الهادي الى المحيط الأطلسي ، وكلاهما يتكلم عن خط خطين اثنين خط السفر مد واحد لا - بارادة أجهر الفلاسفة فالبرجمية مذهب ينادي امامه الأكبر – وليام - جمس الاعتقاد أو بواجب الاعتقاد ، وهو على هذا صوتا بتقرير الواقع دون أن يناقض نفسه في الحالتين ، اذ هو ينادي بتقرير الواقع ولا يعتبره نقيضا للفكرة ولا للآراء المثالية ، وانما هو ترجمان الحقيقة الذي يفسرها ويشرحها ويتولى اثباتها وضبط معاييرها ، وفرق بعيد بين من يقول بالواقع المحسوس وينفى ما عداه ومن يقول ان الواقع لا غنى عنه للدلالة على ما عداه . وننظر الى المذهب المثـالي والمذهب الواقعي كما يتمثلان في آراء الفيلسوف برادلی Bradley والفيلسوف صمويل الكسندر Alexander ... فان مذهب برادلي المثالي فحواه ان الوجود الالهي حقيقة لابد منها ترقى الموجودات المادية اليها ولما تدركها ، ويقابله مذهب ألكسندر الواقعي بما فحواه أن الوجود الالهي حقيقة لابد منها أيضا ولكنها تنتج من ارتقاء المادة شأوا بعد شأو من تفاعلى الزمان والمكان . ١٤٣