ان ثلثمائة سنة في عصر السرعة تصنع المعجزات في عالم المجهول علما وصناعة وايمانا واعتقادا وعلاقات بين الأمم في الدنيا الواسعة وبين آحاد الناس في الأمة الواحدة ، وقد يضل البصر عما سيكون بعد تلك الستين ، ولكننا تتقدم على أمان اذا قصرنا النظر على ما بقى في القرن العشرين من سنيه الأربعين ، لأننا نبصر مواقع الخطى في هذا الأمد القريب . ونلمس طبيعة العقيدة التي تتهيأ لمن يبحث عنها وهو لا يهاب النظرة المجردة الى الغيب ولا يخضع لسلطة ترهبه بالزواجر والقيود ، وكلما أمعنت به الوحدة العالمية في مناهجها الفكرية والخلقية خلص من قيد تقيل من قيود العصبية التي تفكك روابط الانسانية وتجعل الدين سدا من سدود الفرقة والبغضاء ، بدلا من الايمان بوجود واحد فوق الأرض و تحت السماء W G
نحن تتقدم على أمان في استطلاعنا للغيب القريب اذا تذكرنا كيف الزمن بقضية الايمان والانكار من القرن السابع عشر الى القرن العشرين : انه نقلها من خصومة على المراسم والشعائر ودعاوى المتدينين المحترفين ، الى بحث صادق عن حقيقة الحياة وحقيقة الغيب والشهادة بغير خصومة ولا لحاجة بين قوم أصلاء في الدعوى وقوم أصلاء في الانكار ، وليس للباحث الذي يتقدم على هدى هذه الحقيقة من قبلة غير جوهر العقيدة الخالصة حواشي المراسم والشعائر والتقاليد ، من عالمية غير ذات عصبية ، وبصيرة غير منقادة لبقية موروثة ولا سلطة ظاهرة أو خفية . قبلة الايمان في المستقبل تتلاقى مع وجهة النوع الانساني الذي يتقدم الى الوحدة العالمية ووجهة الانسان الفرد الذي يتقدم الى الحرية 141