صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/142

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ويضطر الطبيب وعالم الحياة ، كما يضطر الرياضي وعالم الطبيعة ، الى هذه النظرة المجردة حين يشرح مخ الانسان وينتظر نتيجة التشريح فيرى أن جسم « المخ » لا يحتوى الفكر احتواء الآنية المحسوسة كما خطر للكثيرين من الماديين الذين قرنوا بين مادة المخ ومادة التفكير ، فقد يزال جزء من المخ كثير أو قليل ويبقى للعقل كل ما كان فيه من علوم و معارف وذكريات وأخيلة وكلمات ومعان ولغات ، وقد يعاب تكوين المخ وصاحبه من فلتات العبقرية والنبوغ ، وقد يصغر المخ حجما ووزنا وقدرته على التفكير أكبر من قدرة المخ الذي يزيد عليه في حجمه ووزنه ، وقد كان الفيلسوف ديكارت يرجح على سبيل الظن أن الغدة الصنوبرية نقطة الوصل بين الجسد والفكر وملتقى العالمين المتقابلين دی في الدماغ عالم المادة وعالم الروح ، وكان الفيلسوف يعتقد أنه بلغ التسامح الذي يستطيعه من يفرق بين العالمين ويضطر الى صلة يعقدها بينهما مع هذا التفريق ، فاليوم لو عاد لرأى المفرقين في التجسيم يسبقونه الى التسليم باختلاف مادة التفكير من مادة الدماغ كله ، بما فيه حسنوبرية ومن أغشية وتلافيف من عدة . ۱۳۸ غاية ولم تتمحض ، بعد ، بحوث العلم في اشعاع الدماغ وعلاقة هذا الاشعاع بالتفكير والاتفعال ، ولم تجر المقارنة الواقية بين الاشعاع المنبعث من دماغ الانسان والاشعاع المنبعث من دماغ الحيوان في أحوال الشعور والانفعال ، ولم يظهر للعلماء الباحثين في هذه الظواهر محور الفارق بين اشعاع المخ الانساني في حالة التفكير والتأمل واشعاع المخ الحيواني في حالة الاضطراب الجـداني الذي لا تفكير فيه ، ولم تكمل ، بعد ، محاولات التجربة العكسية في هذه الظواهر الفكرية أو الشعورية، فلم يعرف أحد من الباحثين كيف يستطيع أن يحدث بالاشعاع الذي G