صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/140

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ولم اختلف عليها النور والظلام فتيسرت فيها تراكيب الكيمياء التي لا تنيسر مع اطباق النور أو اطباق الظلام ? لیکن تعليل هذه الأحوال على الوجه الذي ترتضيه عقول الباحثين فيها من جوانب النظر المتباينة ، فانما نحن على كل وجه من وجوه التعليل أمام صفحة مفتوحة للبحث في أسرار الخلق لم يطوها القول بخروج الأرض من مركز الكون المزعوم الى مدارها المتنقل بين السيارات ، وهكذا تبقى القضية التي خيل الى المنكرين في القرن السادس عشر أنها قضية سقطت فيها الدعوى وبطل فيها الخلاف ، وهكذا مضت عدة قرون ولم يبتعد العقل في القرن العشرين من الايمان بمقدار نصيبه المعارف والكشوف ، بل هو أحرى أن يبتعد من الانكار كلما اطلع على كشف جديد من كشوف العلم الحديث ، وأحرى بالعصر الحاضر أن الشك في الانكار ، إذا قيل عن العصور القربية الماضية أنها الشك في الايمان . ولا ندري ماذا تصنع ثلثمائة سنة أخرى بمسألة الايمان والانكار في نظر العقل والبديهة بعد هذه الخطوات التي خطاها الفكر الانساني منذ القرن السابع عشر الى هذا القرن العشرين ، ولكن المشاهد أن أفكار المعاصرين قد استفادت كثيرا من تحويل المسألة من مسألة جدل وملاحاة بين العلماء وأدعياء الدين المحترفين الى مسألة انسانية يضيرنا أن نهملها ولا ينفعنا أن تكتفى فيها بالتفتيش عن سخافة الجامدين والجهلاء . ومما استفاده الفكر الانساني في القرن العشرين أنه فصل في مسألة أخرى لا تقل عن هذه المسألة في قيودها الوسيلة وفى نتاء نتائج الخلاص من اسار تلك القيود ، وتلك هي مسألة القطيعة بين العلم والفلسفة وحسبان ۱۳-