صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/139

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

القضية ، وفهم الدين على أنه بضاعة فئة من الناس يروجونها ولا يحفل أحد غيرهم برواجها أو كسادها ، بل عليهم أن يحترسوا منها كما يحترس المشترى من تاجر ماكر يسعه ما لا يحتاج اليه الا أنها اذا وضعت في موضعها وفهمت على أنها قضية الوجود والحياة – فكل ما كشفه العلم وما سيكشفه خليق أن ينشر منها كل صفحة جديدة ويفتح منها كل مرة بابا لم يكن قبل ذلك بمفتوح للباحثين . وقد فهمت تلك الكشوف على هذه الصفة حديثا فلم ينكر الفكر مكان الكرة الأرضية في وسط المنظومة الشمسية ، بل رأى فيها آية من آيات الحكمة الالهية أقرب الى التصديق من زعم الزاعمين أنها مستقرة في مركز الكون ، وأن القائلين بانحرافها عن ذلك المركز يبطلون القول بحكمة النظام في الأرض والسماء وحكمة خلق الانسان في موضعه النظام . ذلك اسم او لو كانت الأرض ترتج من فزع أبنائها لأرتجت فعلا من فزع المتدينين ا أنها كرة وأنها تدور ولا تستقر في مكانها من مركز الجامدين يوم - الوجود ، ولكن الكرة الأرضية خرجت من ذلك المركز المزعوم ودارت في مدارها بين السيارات ، فتمت لها في هذا المدار شرائط الحيـاة واستعدت بذلك لظهور الأحياء عليها واظهار البرهان القوى على الحكمة - والقصد ، من حيث لا يظهر للعقل من اثباتها في مركزها القديم . توسطت بمدارها بين أقصى البعد من الشمس وأدنى القرب منها ، لم ت وبين أقصى البرد وأقصى الحرارة ? ولم توسطت في حجمها بين الضخامة التي تشل حركة الأجسام بوطأة الجاذبية الثقيلة وبين الخفة التي تطلق الموجودات عنها الى الفضـاء ولا تمسك حولها بالجو الصالح للحياة ? ۱۳۵