صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/14

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

والصناعة ، كأنها نبوءة المتحدث عن سيار في السماء أو في الأرض ، يعرف مداره ويعرف كم يدور . نبوءات أقرب الى التقديرات والاحصاءات ، ليست من نبوءات الطوبي ولا من نبوءات الأحلام ولا من نبوءات العصـور الذهبية . ولكنها أشبه بأرصاد الفلك ، لو لم يكن فيها شيء من الغيب المجهول قد يخطىء فيه الحساب . ماذا عند هذا العصر . الوعود حقيق أن يتبعه الوفاء ؟ وماذا يحول دون وفائه بوعوده مما في الحساب . ومما يقع وراء كل حساب - عصر الصناعة – من وعود ? وماذا من هذه هي الأسئلة التي تدور على جوابها فصول هذا الكتاب ، وأرجو أن نوفق للاجابة عنها غاية ما تلهمنا ظواهر الأمور ، وغاية ما نهتدي اليه بهداية تلك الظواهر ، وهداية الأمل المصدوق - وسنحاول أن نجيب عنه جوابين متلاحقين لا متقابلين ولا متناقضين ، يضيف أحدهما الى الآخر ، ولا يزحزحه عن مكانه ليلغيه أو يطغى عليه . فمن حيث انتهى بالقرن العشرين تطوره الصناعي يبتدىء النظر الى الممكنات وما يعترض تلك الممكنات من العوائق والعراقيل ، وهذا هو الشطر الأول من الكتاب الذي تعول فيه على خبراء الصناعة حيث بلغت الصناعة غايتها واستعدت للمضى في تقدمها الى ما بعد تلك الغاية ، في حدود القرن العشرين وفيما يليه ، وسننقل في هذا القسم خلاصة كافية للمشكلة التي أحدثتها الصناعة والمشكلة التي تعالجها الصناعة ، ومدارها على تقدير سعة الأرض من المئونة ومن السكان ، وعلى ما يشتبك بذلك من قضايا السلام وقضايا السلاح ، وبخاصة في القرن العشرين · . . شده