صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/15

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

س وننتقل بعد العرض الموجز لتقديرات الخبراء الى الشطر الثاني من الكتاب شطر التعقيب والمراجعة فنأخذ فيه بحق العلم الذي تحراه أولئك الخبراء الثقات ، ونضيف اليه واجب العلم الذي لا يسقط عنه ولا يخليه منه الحفاظ على حقه . فمن واجب العلم أن يفرض وأن يستكشف ، وأن يجمع بين أشتات اليقين كلما وسعه أن يجمعها الى فكرة مقبولة تهدى الى مزيد من اليقين ، ومن واجبه أن يفتح أبواب الاحتمال فلا يغلق منها بابا يفضى الى المجهول ، ويربط بين الماضي والمستقبل بسبب موصول ، وعلى أضواء هـذا الواجب العلمي تنظر الى مشكلات الانسانية ، والى أكبرها في القرن العشرين مشكلة الصناعة ، لتقابل بين ماضيها وحاضرها و نحاول أن نضعها في مكانها من تاريخ الانسان ، هل فلتات مبعثرة في غياهب من الفوضى وأخـلاط الطواريء والمصادفات ، أو هي سلسلة متلاحقة تشبعها – أو تسبع المعلوم من هی فنفهمها على اتصال بين ماضيها وحاضرها ، ثم تفهمها على حلقاتها أن المقابلة بين اتصال بين حاضرها وما يليه من لواحق العد المنظور ? والذي تفرضه – على أساس الفرض العلمي مشكلات الانسانية وبين أدوار الصناعة في تاريخها تسفر عن معنى يفهم ، ولا تنيه بالذهن في فراغ مبهم خلو من كل معنى مجرد من كل نسق فمشكلات الانسانية جزء من معالم الطريق لم ينفصل عن فتوحها وأطوار انتصارها وارتقائها ، والصناعة – منذ وجدت الآلة البدائية – هي السمة الأولى التي غيرت بين ملامح الحيوان الأعجم وملامح الحيوان الناطق منذ أقدم الأزمان ، وعلى هذه الصورة لا ينقطع المستقبل ولا تزال الصورة آخذة في التمام على استقامة واطراد ، وان تخللتها الفجوات والظلال . - - - ۱۱