صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/13

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الحرب التي تختم الحروب فلا حرب بعدها ولا محاربون ، أم هو يقترب شيئا فشيئا من يوم النصر على الطبيعة وعلى ما في طبيعته هو من بوائق الشر والدمار ؟ وذهبت السكرة وجاءت الفكرة : ذهبت نشوة الفتح والانتصار على المارد المكنون في ذرات المادة وانجلت المفاجأة عن حساب طويل لهذا الفتح المبين ، بل حساب عسير . ماذا في وسع العلم أن يهب لنا من علانيته وسره ؟ ماذا عنده من الوعد وماذا عنده من الوفاء ؟ وماذا من الخير المأمول ! بل ماذا في الخير المأمول من محذور يتستر وراءه النفع المنظور ؟ ان غلبة الانسان على الطبيعة سوف تؤتيه الغلبة على السقم والوباء، وسوف يزداد الناس ببركة العلم فماذا عند العلم لهؤلاء الناس من الأزواد ومن الشواغل والأعمال ? أعنده الكفاية لهم من القوت والمأوى أم هو مرسلهم الى عالم يتغالبون عليه ثم يلتمسون الغلب بذلك السلاح الجديد : ذلك السلاح المبيد ؟ وعاد الباحثون الى نذیر « مالثوس » يدرسونه وينقدونه وينقصون منه أو يزيدون عليه ، فوضح لهم أن تذير الأمس قد أصاب في كل شيء الا فيما اعتمد عليه من معلومات وأسانيد . ولم يخطىء حين أنذر بالخطر من زيادة الأحياء على الكفاية في الأرض من الطعام ، ولعله قد ذكر بعض المخاوف ونسى بعضها الذي توارى عنه فلم يبلغ في زمنه مبلغ الخطر الملموس ، وهو زيادة الآلات والأدوات على ما يلزمها من غذائها المدخر في الأرض ، وهو مناجم الوقود . ولجأ الباحثون الى نبوءاتهم يستخبرونها عن الغد المخبوء قبل نهاية القرن العشرين ، ولكنها نبوءات تتسم بطابع القرن وصبغة العلم 9