صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/136

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ه – الإيمان لم يكن العلماء المفكرون في القرن السابع عشر أفضل تفكيرا من عامة الجهـلاء الحامدين من رجال الدين في زمانهم من المقلدين كان الخصيان المتنافران يصلان إلى النتيجة الواحدة ۱۳۲ الواحـدة . اثبات دوران الأرض حول الشمس ينفى وجود الله ويبطل الايمان به عند هؤلاء وعند هؤلاء ، فهم من الجانبين المتقابلين يفكرون على نسق واحد ، ويرجعون الى قضية واحدة في فهم الكفر والايمان . ولم يخطىء العلماء المفكرون هذا الخطأ لأنهم أساءوا فهم العلم وعجزوا عن التفكير القويم ، وانما ساقهم الى الخطأ أنهم خلطوا بين الايمان وبين رجال الدين ، وخيل اليهم أن رجال الدين هم أصحاب قضية الايمان وهم المختصون بفهمها وتفسيرها والهداية الى أسرارها ، فاذا بطلت دعواهم بطلت دعوى الايمان من أساسها ، ولم يبق لأحد حق بعد حقهم في تجديدها واستئنافها ا ار ولو تمادي العلماء المفكرون كلهم في هذا الخطأ حتى اليوم لصح القول بقضاء العلم على الدين منذ ثلاثة قرون ، وتقرر في الأذهان أن العالم يبتعد من الدين كلما ازداد نصيبا من معارف العلم الحديث . ولكننا اليوم بعد ثلاثة قرون لا نستطيع أن نقول ان العالم أبعد من الدين مما كان عند ظهور طوالع العلم الحديث ، ونستطيع أن نقول على التحقيق : ان نصيبه من العلم الحديث أوفر وأوفى من نصيب العالم في المقدمة .