صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/127

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

4 - خواص المادة والنظرة « المادية » النظرة المادية نقيض النظرة المجردة الى الأشياء في اصطلاح الأقدمين والمعاصرين ، سواء كانوا من الفكريين المثاليين أو من الحسيين الواقعيين. وأساس هذه التفرقة قديم عند الأمم التي اشتغلت بالفلسفة والعلم ، مع اختلافها في المزاج والعقيدة ووجهة النظر فعند الفيلسوف الهندي القديم أن المادة وهم باطل واننا مطالبون بأن نلغي وجودها ونفرض عدمها اذا أردنا أن ننفذ الى الحقيقة المجردة التي لا تتليس بالأوهام والأباطيل وعند الفيلسوف اليوناني أن المادة كثيفة غليظة ، وأن الفكر في لبابه صاف خالص من شوائب التجسيم والتجسيد ، ولا شك أن الفكرة الجغرافية كان لها عمل كبير في هذه التفرقة من أساسها الأول ، لأنها فرقت بين الكائنات الأرضية والكائنات السماوية ، أو فرقت بين هذه المحسوسات الكثيفة الترابية وبين الكائنات العليا التي لا يحس منها غير النور الذي ينبعث منها ، وهو بسيط صاف لا تركيب فيه ولا يعتريه الا ريثما يختلط بالأجسام ثم ينفصل عنها فيعود الى الطهارة والنقاء . فكل ما تحت القمر فهو مادي غليظ عرضة للفساد والانحلال ، ويأتيه الفساد والانحلال من جانب التركيب الذي لا يدوم على حالة واحدة ، ومن فقدانه الدوام يتطرق اليه العطب والفناء . ولا نذكر هنا فلسفة المصريين الأقدمين فيما يرجع الى النظرة المجردة والنظرة المادية فانهم لم يفصلوا بين النظرتين ولم ينظروا الى الوجود كله . ۱۲۳