صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/123

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وشيوع الأجهزة المختلفة في المكنة الواحدة ، ولن تكون هناك سخرة آلية محصورة في فئة كبيرة من فئات العاملين في الصناعة ، ولن تكون هناك قوة طاغية تعتمد على السخرة الآلية منى زالت هذه السخرة من قرارها . وكلما انتشرت الصناعة لزم الذكاء في استخدام الآلات وشاع استخدامها في المكتب والنادي والمتجر والبيت والديوان ، ولم يبق عمل الذكاء مقصورا على المكنة الضخمة في المصانع الجماعية ، وأصبحت الصناعة اليدوية المجردة من الخبرة العقلية والدراية الفنية شيئا نادرا يقل من يزاولونه ويرتضونه ويناط أداؤه بذوى القصور الطبيعي من الأغبياء وضعفاء العقول . وقد رأينا فيما تقدم من البحوث عن حالة التعليم في القرن المقبل ان علماء التربية سيحتاجون الى جهد غير قليل العمل الذي يوكل الى هؤلاء القاصرين ضنا بالذكاء أن يبذل في أعمال تستغنى عن الذكاء ، وشعورا بالحاجة المزدادة الى درجات من الفطنة تصلح لكل درجة من درجات الانتاج وتسيير الآلات التدبي ولا يخفى أن تهيئة التعليم الصناعي الذي ينجب الخبراء المطلوبين في كل فرع من فروع الصناعة لا يتأتى بغير مرحلة عامة من التعليم الأولى كفيلة على الأقل بمحو الأمية وتزويد الناشيء المتعلم بقسط من المعرفة يرتفع به عن تلك الآدمية الآلية التي تنساق مغمضة الأعين للدعاة المغررين والطغاة المستبدين . . ويصحب هذا في المجتمع الصناعي المتقدم نظام آخر يمنع التفاوت الواسع بين الطبقـات . فان المساهمة في الشركات التي تملك معامل الصناعة الكبرى باب مفتوح لكل من يملك ثمن السهم والسهمين والأسهم القليلة التي لا يعجز عنها أصحاب الموارد المحدودة ممن يعيشون بالمرتبات والأجور .