صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/121

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الصعب انصافها ، وهي متفرقة تدير آلاتها المفردة على حدة ، كان لأصحاب الأموال سلطانهم الذي لا يدفع ، سواء كانوا من ذوى الثروة الزراعية أو ذوى الثروة الصناعية أو ذوى الثروة التجـارية ، وكانوا ربما تنافسوا بينهم فاضطرتهم المنافسة الى الاعتدال في مطالب كل فريق منهم ، ولكنهم كانوا اذا استبدوا بسلطانهم يدا واحدة لم يردعهم رادع ولم . يعسر عليهم أن يجوروا بمطامعهم على حقوق غيرهم وعلى حدود الشريعة والعرف السديد ، فكان قيام القوة الجديدة – قوة الأيدي العاملة خيرا عميما يحقق مصالح الطوائف جميعا ويجعل مسألة الانصاف الاجتماعي مسألة عملية لا تتوقف على حسن النية من طلاب الخير العميم بيد أنه كان خيرا لم يخلص من الشر في جميع الحالات ، اذ كانت الصناعة الكبرى قد ظهرت في بلاد لا توازن فيها بين قوى الثروة المنوعة كما ظهرت في البلاد التي توازن فيها سلطان أصحاب الضياع وأصحاب المعامل وأصحاب المتاجر والأسواق ، فكان ظهور القوة الجديدة سببا من أسباب الطغيان على المجتمع من الأدنى الى الأعلى ، بعد أن كان الخوف كل الخوف من طغيان العلية على من دونهم مالا وعلما وقدرة على اسماع الصوت وابلاغ الشكاية واحقاق الحقوق ، وتبين مع شيوع الجهل والتنافر بين طوائف الأمة أن تسخير الجهلاء من المحرومين لعبة سهلة على من يحسن خداعهم واثارة ضغائنهم واستغلال شكاياتهم ، وقد يسخرهم دون أن أو عنهم يشبع فيهم شهوات النقمة على من هو أحسن حالا وأكبر جاها وأدنى الى رخاء المعيشة ، وقلما يعنيهم أمر الحكومة الحرة لأن فقدان الحرية لا يسلبهم شيئا يحرصون عليه من فكرة أو مبدأ أو متعة روحية . ۱۱۷