صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/119

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الحركة ولا يحوجها الى المشي على أربع من حين الى حين ، ويظن النشوئيون الذين يشرعون في هذه التجارب أنهم سيعرفون بعض الشيء على الأقل عن ترتيب نشوء الكلام واستخدام | الدماغ والأجهزة الصوتية في النطق المفيد ، وهم لا يجهلون أن الحيوان الفرد لا يدرك في مدى حياته القصيرة ما أدركه نوعه في مئات القرون ، ولا يجهلون كذلك أن الذي يدركه الفرد بعملية جراحية في عظامه لا يورث ولا ينقـل بالوراثة – كله أو بعضه – مالم يتسرب أثره الى الخلايا الناسلة Genes وصبغياتها Chromosomes ولكنهم يترقبون من تغيير مسلك الحيوان بعد اقتداره على المشيء المعتدل أن يفهموا كيف ابتدأ تحسين الأجهزة الصوتية وتهيئة اللسان للكلام مع التجاوب بين عمل الدماغ وحركات الأعضاء ، وقد يحدث في عمر الحيوان الفرد ما يكفي لتعيين الاتجاه ان لم يكن كافيا لادراك الوجهة أو للاقتراب منها كما حـدث في أطوار التـاريخ .

ونعود فنقول ان النشوئيين قد يختلفون فيما بينهم وقد يختلفون بينهم وبين غيرهم ، ولكن الواقع الذي لا خلاف فيه أن الفارق بين الحيوان والانسان مرتبط بتاريخ استخدامه للآلات ، وانه لولا قدرة ما الانسان على صنع الآلات والاستعانة بها على مطالبه لما كانت له مزية تفرق بينه وبين العجماوات . وتنتقل من الانسان الفرد الى الانسان الاجتماعي في الشعب أو الأمة. اننا في غنى عن تتبع الأدوار التي مرت بها الصناعات لنعلم أنها كانت في كل دور من أدوارها مقياسا لحضارة الأمة وعنوانا على المزايا الفكرية والخلقية التي تميزها على غيرها ، وقد تعلم من عرض حالة الصناعة ۱۱۵