صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/107

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

3 – الآلـة قصة الآلة أعجب القصص في تاريخ الانسان ، لأنها القصة التي نستطيع أن نبصر في خلالها عوامل الحضارة من بداءتها الى ما انتهت اليه في أيامنا ، وما تنتهى اليه بعد هذه الأيام ، وهي الى جانب ذلك قصة الحكمة الخالدة التي تتجلى لنا من وراء تاريخ الانسان ، ونستطيع أن نلمس عبرتها في أدوار ذلك التاريخ . الآلة من عمل الانسان أو الانسان من عمل الآلة ? من قال ان الآلة من عمل الانسان لم نشعر بغرابة في قوله ، ولكننا كذلك لا نرى أنه قال قولا يستحق عناء ترديده ، لأنه من تحصيل الحاصل ، ومن تبين ما لا يحتاج الى بيان . ولكننا نستغرب أن يقال ان الانسان من عمل الآلة ، ولكنها الغرابة التي تتراءى بها كل حقيقة جديرة بالنظر فيها والبحث عنها ، خفية عند النظرة الأولى ، جلية بعد التأمل واعادة النظر أصدق جلاء . لیکن رأى العلماء ما يكون في مذهب النشوء والتطور ، وليكن منهم من يقول ان الانسان حيوان من الحيوانات العليا نشأ معها أو تسلسل منها ، أو فليكن منهم من يرفض هذا القول ويقصر التطور على كيان الانسان عضويا حيويا أو أدبيا فكريا كيفما اختار ، شاء ذاك ، فلا اختلاف بين الفريقين في شاء هذا وليقل من ليقل من حقيقة واحدة لا تتوقف على هذا القول أو على ذاك ، وهي أن استخدام الآلة كان أوله أكبر فارق بين الانسان والحيوان الأعجـم ، وان لو بقى كالحيوان – عاجزا عن استخدام الآلة لم تكن له الانسان - . . ۱۰۳