صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/106

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أناس يتساوون جميعا في السعادة والرضى ، ويتساوون جميعا في السن والميلاد وفى الصحة والفكر والقوة والأخلاق والجمال . أناس على هذه المساواة تفرض وجودهم فنفرض أنهم يوجـدون هكذا كما توجد المصنوعات في قوالب الصناعة ، وليت هذا الفرض متيسر بغير فرض آخر أصـعب منه وأبعـد من الامكان وأقرب الى الاستحالة والامتناع - . وراء ذلك الفرض الآخر هو المساواة بين الأماكن والأوقات ، ومن ذلك المساواة بين الأيام والأفلاك والعناصر والأشياء ، ومن وراء ذلك عالم لاشيء فيه لأن الشيء لا يوجد في عالم تمتنع فيه الفروق وتتشابه فيه الموجودات الخير ما البديل المفضل ، اذن ، من هذا العالم الذي نحن فيه . ليس ثمة الا بديل واحد ، وهو أن يوجد الناس بطبائع والسعادة كما توجد المعادن والجمادات بخصائصها وتراكيبها . والناس يوجدون كذلك ، ان أمكن وجودهم ، في عالم لا تتكرر فيه المخلوقات ولا تتعاقب ولا تحس الحاجة الى شيء ولا يحدث لهـا الاحساس الا كما يحدث الأثر في المادة الصماء والناس لا يمكن وجودهم على هذه الصورة في عالم تتميز فيه الأشياء ، لأن الأشياء لا تتميز في عالم يتشابه فيه الزمن والمكان وتتساوى أجزاؤه كما تتساوى أجزاء الفضاء . هو البديل من العالم كما عهدناه ، فمن ارتضى هذا البديل فله أن ينكر الوجهة في التاريخ وأن يفهم المصادفة كما يشاء ويفهم يشاء ، ولكنه لا يستطيع أن يزعم أن هواه قضية مسلمة هذا الحكمة والتدبير كما واختيار متفق عليه . ۱۰۲