صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/104

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

في مجرى الحوادث ، وانها تميل الى التوازن والتعاون أو الى التقارب والتضامن كلما ارتقى النظام الاجتماعي في الأمة ، وتمضى مجـارية ولا تمضى مدايرة الموحدة العالمية . وربما حدث في الأمم المتخلفة أن تنبرى فئة طلاب الانقلاب لاستئصال كل طبقة في المجتمع غير الطبقة التي تعتمد عليها في تقرير سلطانها ، ولكن هذه الطبقة لا تلبث أن تتمخض عن طبقات جديدة تملأ فراغ الطبقات المستأصلة وتؤكد من جـديد أن الشخصية الانسانية تستوفى كيانها وان الأمم لا تستغني عن التعاون بين طوائفها

من هذا العرض المجمل نرى أن العرض الذي قدرناه غير بعيد عن الواقع في وجهة التاريخ بالنسبة الى النوع الانساني أو الى الانسان الفرد أو الى الجماعة التي تبرز لها مع الزمن وجهة تاريخية ، ويسوغ لنا أن نقول : ان كثيرا من الفروض التي يتقبلها الباحثون العلميون تختلف عند التطبيق العملي اختلافا أبعد من الاختلاف بين الوجهة المفروضة والوجهة الواقعية في هذه المسألة ، وقد يحق لهذا الفرض عن وجهة التاريخ أن يتلقى من قبول العلماء أكثر مما تلقاه ويتلقاه ، ولا نخالهم يترددون في قبوله ويسرعون الى الاعتراض عليه لو لم يكن تحقيق تلك الوجهة مصحوبا بالكوارث والشرور التي امتلأت بها الدنيا في تاريخها الطويل ولا تزال تمتلىء بها في تاريخ العصر الحاضر ولا يؤمل أن تنتهى فيما يتوقع من تاريخ المستقبل القريب ، يقولون : أيجوز أن نقول بالحكمة والقصد في تاريخ العالم مع هذه النقائص والآلام التي يبتلى بها الأحياء من كل نوع ولا سيما نوع الانسان ? ألا يجوز لنا أن تتردد ونرتاب قبل الذهاب الى القول بالحكمة